سأخبرها هناك بكلِّ شيء
في رثاء شيخي الإمام العلامة محمد بن عبد الله بن ناشع الذي خُلق بيدٍ واحدة (اليسرى) فملأ بها الدنيا علمًا وفضلًا وحكمة حتى وافته المنية يوم الأحد 5/5/1442ه الموافق 20/12/2020م رحمه الله وأسكنه فسيح جناته
على جُوديِّها أرسى السفينه
وخلَّف هذه الدنيا حزينَه
وشقَّ عُبابَها تسعينَ عامًا
يُسمِّنُ عِلمَه فيها ودِينَه
فروَّى قلبَه بالدِّينِ حتى
رمى عينيهِ واستبقى يقينَه
وسخَّر عُمرَه في العلم حتى
حوى أنقى فَرائدِهِ الثمينَه
فلو كُشفَ الغطاءُ لناظريهِ
لَـما شابَت عقيدتَه ظنينَه
ولو حُجبَت مياهُ العِلمِ عنهُ
لأصبحَ صدرُهُ الراهي مَعينَه
إمامٌ قد أقامَ اللهُ فيهِ
على أيمانِنا حُجَجًا مُبينَه
بيسرًى وحدَها ثَنَت المعالي
لهُ فاستاقَ أسمنَها رهينَه
وجِسمٍ نفثةُ الرحمنِ فيهِ
أحالَت ماءَه نُورًا وطِينه
ونفسٍ عافتِ الدنيا فذلَّت
زخارفُها لهِمَّتِهِ مَهينَه
“جناحَ بعوضةٍ” سهرَ الليالي
ليفتنَه، فلم يسمع طنينَه
سما يتبصَّرُ الأُخرى بقلبٍ
كأنَّ الشمسَ داخلَه سجينَه
فكم من حِكمةٍ عذراءَ ظلَّت
على ظَفَرِ العقولِ بها ضنينَه
جثا تحتَ الزَّمانِ لها فبانَت
لهُ وأتَتهُ تغشاها السكينَه
فأنبتَها لنا نُورًا وأدنى
لنا زيتونَ مَغرَسِها وتِينَه
وأطلَقَ قلبَه في إثرِ أخرى
لهُ هَرِمَت مُخبَّأةً دفينَه
فذلكَ دأبُهُ في كلِّ يومٍ
بكلِّ فريدةٍ يحشو سِنينَه
فلما أُترِعَت من كلِّ عِلمٍ
بما لم تَحوِ جوهرَهُ خزينَه
رمى الدنيا وولَّى شطرَ دارٍ
بها يُؤتى صحيفَتَهُ السمينَه
بيُمنًى لم تُصافِح كَفَّ خِبٍّ
حَصانٌ عند خالقِها حصينَه
غدًا ألقاهُ في جنَّاتِ عَدنٍ
وأُمعِنُ في معارفِهِ الرصينه
وأطلبُ إِذنَه يومًا لأحكي
مآثرَهُ وأُسمِعُها يمينَه
وأخبرُها هناكَ بكلِّ شيءٍ
عن اليُسرى الـمُيمَّنةِ الأمينَه
عن اليُسرى التي شرُفَت يميني
بلُقياها فما زالَت مكينَه
عن الأسدِ الذي ما زلتُ أدنو
لظِلِّ جلالِه بِخُطًى رزينَه
فلمَّا كنتُ أوفى الناسِ حظًّا
تخيَّرني وأدخلني عرينَه
سأخبرُها هناكَ بأنَّ قلبي
بمُلهَبِ حُبِّهِ أطفا حنينَه
وظلَّت قُبلتي ترجوهُ حتى
تقبَّلها فلم تبرح جبينَه
وأني حين خلَّفني وحيدًا
ومات فلم يعُد للعَيشِ زِينَه
جمعتُ ملامحي وأسرتُ نفسي
بأقبيةٍ من الذِّكرى متينَه
فأمسى مَسرحُ الأفكارِ فيهِ
كمُعتَكَفٍ بمكَّةَ والمدينَه
وكم دعَتِ الحياةُ فلم أُجبها
فباعَت صُحبتي نَجَشًا وعِيــــــنَه
1442هـ، أبها