الجرح الغائب
بعد حادثة محاولة اغتيال د. عايض بن عبد الله القرني، التي وقعت في مدينة زامبوانجا في جمهورية الفلبين، يوم الثلاثاء 22 جمادى الأولى 1437هـ الموافق 1 مارس 2016م، حيث أطلق عليه الرصاص وهو في السيارة من بعد متر واحد، واخترق الرصاص جسده، واعترضت يده الرصاصة المسددة إلى قلبه، ونجا من الموت، في حادثة فريدة
هذا هو الشَّرفُ الذي لا يسلَمُ
“حتى يُراقَ على جوانبهِ الدَّمُ”
مَن كان مثلكَ لا يليقُ بعُمرهِ
مِن صَولةِ الأيَّامِ إلا الأعظمُ
يا راكبًا دربَ النبيِّينَ الذي
هو بابتلاءاتِ الزَّمانِ مُطَهَّمُ
مِن كلِّ ما أكلوا ظفرتَ بلُقمةٍ
بِكرٍ لغيرِ مُوَفَّقٍ لا تُطعَمُ
فشربتَ أيامَ الزَّمانِ مَكارهًا
شتَّى المطاعمِ ليس فيها تَوأمُ
فوجدتَّ فيها لذَّةً مخبوءةً
للصَّابرينَ يذوبُ عنها العَلقمُ
وأتيتَ مائدةَ الحياةِ وفوقها
عُمرٌ بآنيةِ الكروبِ مُقسَّمُ
وبها تفقدتَّ الجِراحَ فلم تزل
فيها تؤخِّرُ نظرةً وتُقدِّمُ
وتُحِسُّ أنَّ هناك جُرحًا غائبًا
لو جاء كان لهُ الإناءُ الأفخمُ
وغفوتَ والبُشرى يَخيطُ قميصَها
خلفَ البحارِ لكَ القضاءُ المبرمُ
وصحوتَ والشرقُ البعيدُ كأنَّه
للطُّهرِ مُنتَبذٌ وقلبكَ مريمُ
فطحنتَ أميالَ البلادِ مُشَرِّقًا
وأتيتَها تسعى كأنَّك تَعلمُ
أنَّ العنايةَ أسكنتكَ جفونَها
والموتُ حولكَ بالمهالكِ مفعمُ
فلمحتَ في برقِ الرَّصاصِ بشارةً
عذراءَ من خلفِ الرَّدى تتبسَّمُ
وتقولُ: قد خُضتَ الحياةَ مجاهدًا
بكتيبتينِ هما: اليراعةُ والفمُ
لكنَّ في درسِ الجهادِ بقيَّةً
بسِوى الدَّمِ المسفوحِ لا تُتَعلَّمُ
واللهِ لن يصِلَ البلاءُ نِصابَه
إلا بنَضحٍ مِن دمائِكَ يُقسَمُ
فاهنأ بفضلِ مَن اصطفاكَ لطعنةٍ
فيها لهذا الكونِ درسٌ مُحكَمُ
هي وحدَها دونَ الجروحِ حكايةٌ
للُغاتِ كلِّ العالمينَ تُترجمُ
فهموا معانيها وظلَّ بقلبِها
سِرٌّ لقلبِك أنت، عنهم يُكتَمُ
ما في سبيلِ اللهِ شيءٌ مؤلمٌ
حتى الرَّصاصُ ألذُّ فيه وأطعمُ
بالدينِ يعلو كلُّ شيء جِنسَهُ
ويزيدُ عن أقرانِهِ ويُقَدَّمُ
فلِتمرةِ الإفطارِ معنى زائدٌ
ما ذاقه في الكونِ إلا الصُّوَّمُ
لولا خَلوفُ الصائمينِ لأصبحَت
مثلَ التمورِ بغيرِ مسكٍ تُهضَمُ
1437هـ أبها