يا راقيَ الشرقِ
ألقيت أمام الأمير فيصل بن خالد أمير منطقة عسير، بمناسبة اليوم العالمي للدفاع المدني في أبها، وفيها تعزية له في وفاة الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، وتهنئته ببيعة الملك سلمان بن عبد العزيز، أيده الله
لا لن يعزيكَ في النورِ الذي احتجبا
إلا ابتهاجُكَ بالنورِ الذي انتصبا
يا واقفًا وسطَ النورينِ يبهجِهُ الَّــــ
ــذي تجلَّى ويُبكيهِ الذي غربا
رفقًا بقلبكَ! فالأيَّامُ عادتُها النـــ
ــقصانُ إن راحةً فيها وإن نصبا
وإن يكن موتُ عبدِ اللهِ قد حَشدَت
آهاتُهُ تحتَنا النيرانَ والحطبا
فإنَّ بيعةَ سلمانَ الهدى جَعلَت
نارَ الفراقِ سلامًا أخمدَ اللَّهبا
سبحانَ من خلقَ الأحزانَ حاملةً
للصابرينَ عليها السَّعدَ محتجبا
ما أحكمَ اللهَ أبكانا وأسعدنا
في جمعةٍ جمعت في جوفِها العجبا
نورٌ على النعشِ محمولًا يودِّعهُ
نورٌ على العرشِ يثني الدَّمعَ محتسبا
يا دمعَ سلمانَ في يومِ الوداعِ وقد
جثا على ركبتيهِ الشَّعبُ منتحبا
قل للإمامِ الذي تبكي أصالتُهُ
أخًا وأستاذَ عُمرٍ صادقًا وأبا
ما ماتَ واللهِ يا سلمانُ مَن خلَفت
يمناكَ يمناهُ في العهدِ الذي كتبا
يمنى عليها قلوبُ الناسِ قد ختمَت
عهدًا من الحبِّ لم تطلب لهُ سببا
عهدًا يمينُكَ عن.. عن.. عن.. تسلسلُهُ
إلى يمينِ رسولِ اللهِ منتسِبا
فَلِج بأفئدةٍ جاءت مُفتَّحةَ الـــ
أبوابِ مَدَّت لكَ الأجفانَ والهدَبا
يا حافظَ العهدِ، يا أوفى أخٍ لأخٍ
يا مَعدِنًا غلبَ الألماسَ والذهبا
يا سيفَ عبدِ العزيزِ العضبَ، يا يدَهُ
يا وجهَهُ الـحُـرَّ، يا تاريخَهُ الخَـصِبا
يا هامةً تنحني الدنيا لهيبتِها
يا هِمَّةً خُلقت لم تعرفِ اللَّعِبا
يا شِيمةَ العرَبِ الأولى وقيمَتَها
يا فيلقًا ينصرُ التاريخَ والأدبا
يا نفحةً من رضا الرحمنِ، يا قَبَسًا
من نورِهِ، يا جلالًا منهُ مُقتَضبا
يا راقيَ الشرقِ باسمِ اللهِ من فِتَنٍ
لدحرِها اختاركَ الرحمنُ وانتدبا
لمثلِ هذا الزمانِ الصعبِ أنتَ فقد
طمَّت كوارثُهُ الإسلامَ والعربا
فالشَّرقُ أطرقَ، لا بغدادَ فيهِ، ولا
دمشقَ فيهِ، ولا صنعا، ولا حلبا
كالقدسِ مخطوفةٌ، لا فرقَ، غاصبُها
وغاصبُ القدسِ من (دَيرٍ) إذا انتسبا
ووجهُ إسلامِنا الوضاحُ حرَّقهُ
كِيرُ التطرُّفِ في خدَّيهِ فانتقبا
ومثلما بدأَ الإسلامُ مُغتربًا
مِن التطرُّفِ عادَ اليومَ مُغتربا
لا فرقَ بينَ أبي جهلٍ وزمرتهِ
وبينَ داعشَ، لا فكرًا ولا أربا
وليبيا وُرِثَت من يومِ أورثَها
جنونُ قذَّافِها الإرهابَ والعطبا
وأَرزُ لبنانَ مدَّ الظلَّ مرتعشَ الـــ
أغصانِ، والنيلُ يسقي مصرَ مكتئبا
ومنكَ واللهِ يا سلمانُ قد سطعت
بشائرُ الفرجِ الغلَّابِ مقتربا
أتى بكَ اللهُ للفتحِ المبينِ، وقد
هدى لكَ الصارمينِ: الرأيَ والغضبا
فوجَّهت نحوكَ الدنيا عواصمَها
لـمَّا رأت في يديكَ النصرَ والغَلَبا
لـمَّا رأت وطنَ الأمجادِ متكئًا
على السلامِ، وباقي الأرضِ مُضطربا
لـمَّا رأت شعبَهُ، والسوقُ رائجةٌ،
ما باعَ بيعتَه، ما خانَ، ما كذَبا
لـمَّا رأت جندَه الأبرارَ، هيبتَهُ
أحفادَ من نصرَ المختارَ واصطحبا
يؤمنونَ حِمى الطُّهرين: طيبةَ والــ
ـــبيتِ العتيقِ، فيجنونَ الرَّخا دأبا
ويُرهبونَ أذى الرجسين: داعشَ والـــ
ـــفكرِ الخليعِ، فيسقونَ العدا رَهَبا
يا سيدي، يا جنودَ اللهِ، يا وطنَ الـــتـــــ
ــــوحيدِ، يا أُمَّةَ النصرِ الذي وجبا
إنَّي، ولست على الأقدارِ مطلعًا
ولا أقول لكم: شعبانَ أو رجبا
لأبصرُ الوِحدةَ الكبرى قد اكتملت
في وجهِ سلمانَ بدرًا، وانتشت طربا
غدًا سيجمعنا سلمانُ في يدهِ
قلبًا من الحبِّ، لا حربًا ولا شغَبا
1436هـ، أبها