طعنة الفراق
في رثاء أخي الشيخ د.عبد الله بن محمد الشهراني، رحمه الله، رائد فكرة الخيام الدعوية السياحية ومؤسسها
لستُ أدري مـتى مماتي يقينا
غـيرَ أني قد متُّ فيكَ طعينا
آهِ من طعنةِ الفراقِ دهتـني
بكَ واستاقتِ الفؤادَ رهينا
بغتةً زلزلت دمائي فماجت
فيَّ حـتى استويتُ همًّا مبينا
وعلى حينِ غفلةٍ أضرمتني
نَفَسًا حارقًا ونبضًا سخينا
واضطرابًا ولوعةً واشتياقًا
وبكاءً وحسرةً وحنينا
كنتُ أدري أني أحبُّكَ حبًّا
ينشرُ الفلَّ فيَّ والياسمينا
وأعـي أنَّ بيننا عهدَ حُبٍّ
قد كتبناهُ بالضياءِ رصينا
غـيرَ أني ما كنتُ أعلمُ أني
أنتَ حـتى افتقدتُ ذاك الجبينا
فتيقنتُ أنَّ للحبِّ معـنى
حجبَتهُ الحياةُ عـني سنينا
كشفَ الموتُ سترَهُ فتعالى
حزنًا صابرًا وصبرًا حزينا
يا رفاقي في حبِّهِ أيُّ بلوى
أطلقَت ماردَ الملمَّاتِ فينا
واحدًا كانَ غـيرَ أنَّا فقدنا
فيهِ كـنزًا من الرجالِ ثمينا
فابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(عالـمًا) فجَّرَ النصوصَ معينا
وسقى الواردينَ في (دلوِ موسى)
شربةً تنجبُ القويَّ الأمينا
وابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(داعيًا) للفلاحِ دنيا ودينا
حرثَ الأرضَ دعوةً وجهادًا
فغدا الكيلُ (يوسفيًّا) مكينا
وابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(عابدًا) يملأُ الليالي أنينا
فكأنَّ الظلامَ (حوتُ ابنِ مـتَّى)
بات في جوفِهِ الإمامُ سجينا
وابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(قائدًا) يمتطي القلوبَ فطينا
لم يقدها إلا بقلبٍ سليمٍ
(أحمديَّ) النياطِ حزمًا ولينا
وابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(قرويًّا) رثَّ الثيابِ مدينا
قرويٌّ كحقلِهِ يطعمُ النا
سَ ويحيا مبجَّلًا مسكينا
وابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(أسدًا) شادَ بالخيامِ عرينا
للهدى في رواقِها زأراتٌ
تخرسُ الأخنسَ الرجيمَ اللعينا
وابكِ إن شئتَ يومَ تبكي عليهِ
(رجلًا) كالجبلَّةِ الأولينا
خلقَ اللهُ للمكارمِ فيهِ
كوثرًا دافقًا وحصنًا حصينا
فاملأِ الشعرَ لهفةً يا أبا الطيِّـ
ـبِ واحمل فؤادكَ المستكينا
وقفِ النفسَ عندَ قـبرِ إمامٍ
ماتَ يبكي مآسيَ المسلمينا
وارتشف من ترابِهِ ألفَ درسٍ
لنضالِ الأئمَّةِ المخلصينا
ثمَّ بلَّ الـثرى بدمعٍ عزيزٍ
باتَ من فقدِهِ ذليلًا مهينا
ثم ناجِ الإمامَ في القـبرِ همسًا
إنَّ للهمسِ في القبورِ رنينا
يا عليكَ السلامُ من قلبِ صبٍّ
ليتَهُ وافتداكَ كان الدفينا
1434هـ، أبها