أخـبئُ في شمسي سكونَ مغيـبي

وأدفنُ في ليلي جنونَ لهيـبي

وأخفي وراءَ الدمعِ ذكرى مسرَّتي

وخلفَ ابتسامي لهفـتي ونحيـبي

وأصخبُ كي لا يسمعَ الشامتونَ بي

أنينَ شبابي حينَ حلَّ مشيبي

وأهدأُ كي لا يلمحَ العاذلونَ لي

عناقَ خيالاتي لطيفِ حبيـبي

على قلقٍ أقضي الحياةَ كأنَّما

أحاذرُ أفـعى في رمالِ كثيبِ

فسر صاحبي واعقل بصعبانَ& وحدَها

جموحَ سؤالي عندَ خـيرِ مجيبِ

وسل عالمَ الأزدِ الحكيمَ ابنَ ناشعٍ

أحاليَ هذي حالُ كلِّ أديبِ

وأخـبرهُ أني قد كـنزتُ لآلئًا

منَ الشعرِ لم تخطر بقلبِ لبيبِ

تنقَّيتُها من بينِهِ وادخرتُها

فمن غيرِها مدحي، وجلُّ نسيبي

محرَّزةٌ لا يستحقُّ انبعاثَها

سوى واحدٍ من كلِّ ألفِ نجيبِ

لذا صافحت بالأمسِ يسرى ابنِ ناشعٍ&&

وذا اليومَ يمـنى ظافرِ بنِ حبيبِ

وعذرًا إلى أهلِ الزمانِ فإنَّني

غريبٌ ولا أرضى بغـيرِ غريبِ

أروني عُجابًا، مثلَ سيرةِ ظافرٍ

إذا سردَ الحفَّاظُ كلَّ عجيبِ

أروني صبيًّا صدَّ عن صبوةِ الصِّبا

إلى كلِّ فضلٍ آخذًا بنصيبِ

وراضَ الشبابَ الصعبَ في عنفوانِهِ

بعزلةِ أوَّاهٍ وجهرِ منيبِ

وأسرجَ في الآفاقِ همَّةَ نفسِهِ

بعزمِ عصاميٍّ وعزِّ حسيبِ

فراعَ بناتَ المجدِ عندَ بزوغِهِ

بوجهِ ابنِ يعقوبٍ وقلبِ شبيبِ

فكم ذاتِ خدرٍ حدَّثت فيهِ نفسَها

وكم أمعنت في الغبنِ ذاتُ خطيبِ

تركتَ أبا تركيِّ كلَّ ربيبةٍ

ذلولٍ مطاياها لكلِّ ربيبِ

ولم ترضَ إلا عسفَ كلِّ عصيَّةٍ

تأبَّت فما لانت لعزمِ أريبِ

وخضتَ نهارَ العِزِّ حـتى بلغتَهُ

على متنِ ليلٍ عاصفٍ وعصيبِ

فأدركتَ ما شاءَ العليُّ من العُلا

بصدقِ احتسابٍ عندَ خـيرِ حسيبِ

وأنفقتَ في التعليمِ عمرَكَ كلَّهُ

لتشريَ عمرًا خالدًا بسليبِ

أمينًا على الأجيالِ تبـني عقولَها

بعينيكَ: عيـني عاملٍ ورقيبِ

وحرصِ مُرَبٍّ واقتداءِ معلِّمٍ

وحنكةِ ربانٍ، ورميِ مصيبِ

ووجهٍ إلى كلِّ الوجوهِ محبَّبٍ

وقلبٍ إلى كلِّ القلوبِ قريبِ

وها أنتَ ذا من بعدِ خمسينَ حجةً

مباركةً ملأى بكلِّ خصيبِ

ترى عمرَكَ المـبرورَ يهـتزُّ يانعًا

بكلِّ نديٍّ طيِّبٍ ورطيبِ

بهُ ألفُ أستاذٍ وألفُ مهندسٍ

وألفُ إداريٍّ وألفُ طبيبِ

وألفُ عصاميٍّ وألفُ مرابطٍ

وألفُ إمامٍ للهدى وخطيبِ