معلَّقة الأزد

ألقيت أمام الأمير فيصل بن خالد، أمير منطقة عسير، في ساحة البحار بأبها، في احتفال إمارة المنطقة وأهاليها بمناسبة اليوم الوطني

هنا من قامةِ الشَّرفِ الرفيعِ

وتحتَ رعايةِ الجبلِ المنيعِ

وفي كنفِ السَّحابِ على سُفوحٍ

مُحرَّمةٍ على النَّسبِ الوضيعِ

أتينا نُشهدُ التَّاريخَ أنَّا

منَ الدُّنيا بمنزلةِ الرَّبيعِ

فما خُلقَت عسيرُ الأرضُ إلا

لأهلِ العزِّ والحسبِ الضَّليعِ

أتاها الأزدُ من سبأِ بنِ هودٍ

بما وَرِثوهُ من مجدٍ تليعِ

فحلُّوا بالحضارةِ في رُباها

حُلولَ الرُّوحِ في الجسدِ البديعِ

فكانوا في شوامخِها جلالًا

بما فيهم من الأنفِ السَّريعِ

وكانوا في مفاتنِها جمالًا

بما فيهم من الأدَبِ الرَّفيعِ

وكانوا في منابتِها سخاءً

بما فيهم من الكرمِ الـمَريعِ

وكانوا في سحائبِها رواءً

بما فيهم من الغدقِ الوديعِ

مآثرُ عزَّةٍ في كُلِّ شيءٍ

هنا حـتى الرَّضيعةِ والرَّضيعِ

فإن يجحد بها أحدٌ أوينا

إلى كنفٍ من الدُّرِّ الرَّصيعِ

نصرنا سيِّدَ الثَّقلينِ نصرًا

عزيزًا حينَ ذلَّ بنو اللَّكيعِ

فقالَ مقالةً في الأزدِ أبقى

لهم من سائرِ الفخرِ الوسيعِ

يقولُ الأزدُ أُسدُ اللهِ جاءوا

بما شاءوا من الشَّرفِ النَّصيعِ

بأنقى النَّاسِ أفئدةً إذا ما

تردَّى القومُ في الغِلِّ النَّقيعِ

وأصدقِهم لقاءً في نهارٍ

وأخشعِهم قلوبًا في هزيعِ

(أنا منهم وهم مـني) وهذي

لعمرُ اللهِ تعدلُ بالجميعِ

وماتَ فلم نحِد مقدارَ ظُفرٍ

عن النَّهجِ السَّماويِّ النَّجيعِ

سلوا بدرًا سلوا الأحزابَ عنَّا

سلوا أُحُدًا سلوا أهلَ البقيعِ

سلوا الخلفاءَ عنَّا حينَ كُنَّا

لنصرتِهم شبا السيفِ البريعِ

وآياتِ الوفاءِ بكلِّ عهدٍ

وراياتِ الجهادِ بكلِّ ريعِ

(شوافعُ) قد ملكنا كلَّ علمٍ

بشكوى الشافعيِّ إلى وكيعِ

وأعوادُ المنابرِ حينَ نعلو

بها تهـتزُّ بالثَّمر الينيعِ

وعطَّرنا فمَ التَّاريخِ منَّا

بأزكى ما يُنالُ من الصَّنيعِ

وتلكَ عهودُنا من ألفِ عامٍ

ونصفٍ في حـمى اللهِ البديعِ

سيحشُرنا إليهِ منزَّهَاتٍ

صحائفُنا منَ العهدِ المبيعِ

سلوا عنَّا ملوكَ الأرضِ تندى

بطيبِ الذِّكرِ آذانُ السَّميعِ

سلوهم من معاويةَ بنِ حربٍ

همامُ الأوَّلينَ بلا قطيعِ

إلى عبدِ العزيزِ إلى بنيهِ

أئمَّةُ ذا الزمانِ بلا قريعِ

سلوا تجدوا الصحائفَ مُترعاتٍ

بحفظِ العهدِ في اليومِ الشَّنيعِ

لأنَّ البيعةَ الزهراءَ عِرضٌ

لنا نحميهِ بالبأسِ الفظيعِ

ونحيا أوفياءَ لطينِ أرضٍ

مهرناها من العَرَقِ النَّبيعِ

وأودعنا أوائلَنا ثراها

لكي تقتاتَ بالطُّهرِ الرَّجيعِ

ولبَّينا أذانَ الحُبِّ فيها

لأنَّ الحُبَّ فرضُ المستطيعِ

ووقَّفنا لها الأرواحَ حِرزًا

كحرزِ الشمسِ من بردِ الصَّقيعِ

لنبقيَها لنا عذراءَ بِكرًا

كمريمَ لا تُزَفُّ إلى ضجيعِ

لأجلِ ترابِها المخلوقِ مِنَّا

فنينا في الولاءِ بلا شفيعِ

لأجلِ ترابِها المدفونِ فينا

عشقنا سكرةَ الموتِ الذَّريعِ

فليسَ يخونُ عهدَ الأرضِ إلا

(وحاشانا) الخليعُ ابنُ الخليعِ

1433هـ، أبها