قبلة الغيم

ألقيت أمام الملك سلمان بن عبد العزيز، يوم أن كان وليًّا للعهد، في الصالة الملكية بحي الخالدية في أبها، في حفل استقباله الذي أقامته إمارة منطقة عسير

نادى الـمُنادي فلبَّت فيَّ أبياتي

وأحرمَ الشِّعرُ بي من كلِّ ميقاتِ

وجئتُ أقضي لشعري فرضَ حَجَّتِهِ

في قبلةِ الغيمِ في مهدِ النُّبُوءاتِ

في مشعرِ الحُبِّ في مسعى الأصالةِ في

حِجرِ النَّقَاءِ ومِحرابِ البُطُولاتِ

(أَبها) وأبها لحفظِ العهدِ مُعتكَفٌ

وللولاءِ مُصلًّى والـبراءاتِ

(أَبها) بأبها مَقامُ الرَّاسياتِ، وفي

(أبها) مَطافُ المعالي والطُّمُوحاتِ

(أَبها) وقد بُعِثَ العامُ الجديدُ، لها

مُبَشِّرًا بكَ يا تاريخها الآتـي

فيا أمـيرَ العُلا (أبها)كَ ما خُلِقت

في الأرضِ إِلا سفيرًا للسَّماواتِ

أَذِّن بها تُسمعِ الدُّنيا فقد رُفعَت

منها لأَهلِ العُلا أعـلى الـمَناراتِ

وسمِّ باللهِ واقرأ بينَ أضلُعِها

من مُحكمِ الـمجدِ آياتٍ وآياتِ

فإنَّ (أبها) الـتي بالأمسِ ألبسها

فراقُ (سُلطانِـ)ـها ليلَ الـمُعاناةِ

قد جاءها اللهُ بالبشرى فألبسها

لقاءُ (سَلمانِـ)ـها صُبحَ المسرَّاتِ

أبها بكَ اليومَ يا (سلمانُ) قد كُسِيَت

من فاخرِ المجدِ أيَّامًا جديداتِ

مصُونةَ العِزِّ من يُمناهُ قد نُقلَت

إلى يمينِكَ يا راعـي الأماناتِ

وإنَّ (سُلطانُ) يا أوفى أخٍ لأخٍ

قد كانَ يحسِبُها صُغرَى البُنَيَّاتِ

وجئتَ من بعدِهِ بَرًّا بها وبهِ

فكُنتَ أندى منَ الـمُزنِ الـمُغيثاتِ

ونحنُ من بعدِهِ كُنَّا لكُم ولهُ

في العهدِ أرسى منَ الشُّمِّ الـمُنيفاتِ

عسيرُ يا أسدَ الجيشِ العظيمِ بها

جيشٌ بلا بِذَلٍ خُضرٍ وشاراتِ

جيشٌ بهِ مِن أُسُودِ اللهِ ألوِيةٌ

تأتِيكَ بالسَّعدِ من قلبِ الـمُلِمَّاتِ

لـمَّا التفتَّ إليها باسِمًا هطلت

غُيُومُها بِالتَّحِيَّاتِ النَّدِيَّاتِ

حيَّتكَ بِــ(الـحُسنِ) إنَّ الـحُسنَ سيرتُها الـ

أُولَى، كما العربيَّاتِ الأصيلاتِ

حيَّتكَ بــ(الـحُبِّ) إنَّ الحُبَّ فتنتُها الــ

ـكُبرَى، كما الأعيُنِ النُّجلِ الكحيلاتِ

حيَّتكَ بـ(الأزدِ) إنَّ الأزدَ عُروتُهَا الــ

ـوُثقى، نهارَ الخُطوبِ الـمُدلهمَّاتِ

حيَّتكَ بــ(القمحِ) منقُوشَ الخضابِ على

أيدِي السُّفُوحِ الطَّهُوراتِ الزكيَّاتِ

حيَّتكَ بـ(العطرِ) منشُورَ الأريجِ على

أكتافِ تلكَ الحُصُونِ الجَاهليَّاتِ

حيَّتكَ بـ(الغيمِ) مرفُوعَ الـمقامِ على

رؤُوسِ تلكَ الجبالِ الـمُشمخرَّاتِ

حيَّتك بـ(الأمسِ) والتَّاريخُ مُمتلئٌ

بالـمُنجَزاتِ العريضاتِ الطَّويلاتِ

حيَّتكَ بـ(اليومِ) واللَّحظاتُ حافلةٌ

من عزمِنا باكتساحِ الـمُستَحيلاتِ

حيَّتكَ بــ(الغدِ) والبُشرى تَزُفُّ لـنا

أيَّامَ عزٍّ وَدوداتٍ وَلوداتِ

بذاكَ حيَّتكَ (أبها) غـيرَ أنَّ لـها

تحيَّةً هيَ مسكٌ للتَّحيَّاتِ

حيَّتكَ بـــ(الخيرِ) يكسُو وجهَ فيصلِها

شمسُ الوقارِ وديوانُ الـمُرُوءاتِ

1433هـ، أبها