عبد الخالق
إلى الأستاذ عبد الخالق بن سليمان الحفظي مدير التربية والتعليم بمحافظة رجال ألمع، في حفل تقاعده، الذي أقيم في ليلة ألمعية بدرية، في الساحة المكشوفة بقرية رُجال التاريخية، وكنت سأحضر الحفل ضمن الوفد المرافق للدكتور ظافر بن سعيد بن حبيب مدير التربية والتعليم في محافظة النماص آنذاك، ثم حالت الظروف دون حضوري، فألقاها أحد مرافقيه نيابة عني.
بدرُ السماءِ ووجهُ عبدِالخالقِ
سطعا على هذا المساءِ الرائقِ
ولقد نظرتُ إليهما متأمِّلًا
وجهيهما حقًّا بعيـني عاشقِ
فشُغلتُ عن بدرِ السَّماءِ وضوئِهِ
بضياءِ هذا الألمـعيِّ الحاذقِ
فالألمعيُّ بوجهِهِ وضيائِهِ
يعلو عـلى بدرِ السَّماء الشاهقِ !
ما قلتُ ذلكَ بِدعةً أو مِدحةً
تُلقى، وبرهاني بيانُ الفارقِ
فالبدرُ كالمرآةِ يعكسُ وجهُهُ
شمسَ النَّهارِ، فإنَّه كالسارِقِ
والألمعيُّ ضياؤُهُ من نفسِهِ،
من أصلِهِ، من كلِّ جَدٍّ سابقِ
بضياءِ آلِ البيتِ يشرقُ وجهُهُ
بالطُّهرِ، بالتَّقوى، بِحُسنٍ نَاطِقِ
بأصالةٍ عـبرَ القرونُ تتابعت
حلقاتُها من سابقٍ في لاحقِ
فدماءُ آل البيتِ في أجيالِهم
تنسابُ من نَبعِ النَّقَاءِ الدَّاهقِ
محميَّةً بيدِ العفَافِ نقيَّةً
محروسةً من كلِّ خِلطٍ غامقِ
فالفرقُ بين النَّاسِ يكمُنُ سرُّهُ
في تربةٍ سُقِيَت بماءٍ دافقِ
وبذاكَ فاقوا النَّاسَ صفوَ أصالةٍ
عـبرَ الزمانَ بكلِّ خَطوٍ واثقِ
في روضِ بستانِ النبوَّةِ صانهم
نسبٌ يُطلُّ بكلِّ طلعٍ باسقِ
من عهدِ فاطمةَ البتولِ توارثوا
أَلَقَ الطَّهارةِ شارقًا عن شارقِ
سيما الأصالةِ من رياضِ وجوهِهم
نشرت مباهجَ كلِّ مسكٍ عابقِ
يا صحبةَ الحفلِ البهيجِ وساكني
هذا المساءِ الألمعيِّ الشائقِ
فَلنَطَّرح قمرَ السماءِ لغيرِنا
فلقد رُزِقنا وجهَ عبدِالخالقِ
وافيتُ من قِمَمِ النَّماصِ لأجلِهِ
فركبتُ من شوقي جناحَي باشقِ
وقطفتُ منها وهي ذاتُ مباهجٍ
ريحانةَ الحُبِّ النقيِّ الغادقِ
ريحانةً ريَّا الغصونِ نديَّةً
مغروسةً في روضِ هذا الخافقِ
تهديكها باسمِ النَّماصِ وأهلِها
يمـنى الحبيبِ (ابن الحبيبِ) الصادقِ
فأهنأ بِعُمرٍ مرَّ لم تعرف بهِ
إلا الهيامَ بكلِّ مجدٍ فائقِ
واهنأ بسيِّدةِ الفضائلِ، خصلةً
ما حزتَها إلا بفكرٍ خارقِ
ما زلتَ تصطنعُ الرِّجالَ بغرسِهم
بحدائقٍ للمجدِ أيِّ حدائقِ
أسقيتَهم ماءَ العنايةِ يُفَّعًا
فسقوكَ من سُحِبِ الوفاءِ الوادقِ
فاجنِ الوفاءَ فقد غرستَ بذورَهُ
في كلِّ جيلٍ في الزمانِ الزاهقِ
وانظر تجد في كلِّ أرضٍ روضةً
مِن مَّا زرعتَ، زكت بخـيرِ خلائقِ
واليومَ حاطتكَ القلوبُ بنبضِها
خفَّاقةً بتنافسٍ وتسابُقِ
قلبُ المحبِّ يَرِفُّ عندَ حبيبِهِ
رفَّ الجناحِ على الجناحِ العالقِ
أولستَ تسمعُ نبضَها لكَ شاكرًا
في قلبِ كلِّ مصافحٍ ومعانقِ
واليومَ أهدابُ العيونِ تعلَّقت
بكَ يا حـمى الأَلَقِ الجميلِ الطارقِ
عينُ المحبِّ تَشِفُّ عن خلجاتِهِ
كمفاتنِ الحسناءِ تحتَ رقائقِ
أولستَ تبصرُ في سوادِ عيونهم
وَهَجَ المحبَّةِ مثلَ لمعِ البارِقِ
اليومَ كلٌّ يشرئبُ برأسِهِ
لـتراهُ من بينِ الزِّحامِ الخانقِ
قد كانَ قبلَ اليومِ يقصدُ بحرَكم
وُرَّادُه من مخلصٍ ومنافِقِ
واليومَ لا يأتيكَ إلا عاشقٌ
لكَ لا لكرسيِّ المديرِ النافقِ
غصَّ المساءُ بكلِّ قلبِ سابحٍ
في حبِّكم وبكلِّ طرفٍ غارقِ
فردوسُ دنياكم محبتُهم لكم
فاهنأ بهم واشكر عطاءَ الرَّازقِ
1427هـ، مكة المكرمة