الأفعى

ألقيت أمام الأمير عبد المجيد بن عبد العزيز أمير منطقة مكة المكرمة آنذاك، رحمه الله، ضمن فعاليات الحملة الوطنية لمكافحة الإرهاب بها؛ لتهنئته بنجاح موسم الحج وبالعيد وبالعام الجديد وبنجاح حملات مكافحة الإرهاب في مكة.
ثم أعيد إلقاؤها في مجلس الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، في قصر اليمامة بالرياض، وهو ولي للعهد، مع وفد كبير من شيوخ منطقة عسير وأعيانها، قدم لإعلان البراءة من الإرهاب وأهله.

جاءتكَ من غِيدِ أشعاري غوانيها

وأقحوانُ التهاني في أياديها

جاءتكَ تمشي الهوينى غادةٌ غَرِدٌ

تخطو أمامَكَ فانظر في تثنِّيها

جاءتكَ زاهيةً بالحبِّ راهيةً

في الغِيدِ باهيةً جمٌّ تباهيها

حوريةٌ ما رأت كُفئًا سواكَ لها

أتتكَ سافرةً في ثغرِ ملقيها

تجوَّلت في رياضِ الحسنِ واقتطفت

ريحانةً في ضِمَامٍ من قوافيها

لما رأتكَ أزاحت عن مفاتنِها

نَصِيفَها، ولهت عن عينِ رائيها

إن شئتَ غنَّت على القيثارِ، أو نفثت

في الناي من رَوحها أحلى أغانيها

تراقصَ النايُ في لقيا أنامِلها

وراح يرتشفُ الأنغامَ من فيها

تقولُ ، والوقتُ يمضي، وهي مشفقةٌ

من الفراقِ على باقي ثوانيها

«أرى الثواني لها فخرٌ تتيهُ بهِ

لأنَّنا بينَ أيديكم نقضِّيها»&

ازَّينت لكَ يا فخرَ الملوكِ ولم

تحمل سوى العشقِ شيئًا من أمانيها

قصيدةٌ تكتسي ديباجَ فرحتِها

جاءت مهنئةً فأقبل تهانيها

عرائسٌ من مسرَّاتٍ زففنَ لكم:

الحجُّ أولُها، والعيدُ ثانيها

وهذه غُرَّةُ العامِ الجديدِ بدت

ورونقُ البِشرِ زاهٍ في مجاليها

لا فارقت سُحُبُ الأفراحِ ساحتَكُم

ولا انقضى ما عهدتُّم من غواديها

يا غاسلَ الكعبةِ الغراءِ دامَ بها

عليكَ من نفحاتِ اللهِ هانيها

غسلتَ كعبةَ ربِّ النورِ فامتلأت

يمناكَ من بركاتِ البيتِ تنزيها

وهذهِ نعمةٌ تسعى مع نِعَمٍ

أحسنتُمُ شكرَها يا مستحقيها

ولَّاكَ مكةَ فهدٌ واصطفاكَ لها

لـمَّا اصطفاهُ لملكِ الأرضِ واليها

ورحتَ تكتبُ في ديوانِ خدمتِها

معلَّقاتٍ أخوكَ الفهدُ يُمليها

إذا الملوكُ بأوصافِ العلا وُصفِت

وسطَّرتها لها أيدي مَواليها

فـ(خادمُ الحرمينِ) اشتقَّ تسميةً

تفـنى السطورُ ولم تبلغ معاليها

ليست أحاديثَ سُمَّارٍ مبهرجةً

الليلُ كاتبُها والصبحُ ماحيها

أفعالُه في رؤى الآفاقِ مشرقةٌ

والشمسُ تَخرِقُ عيـني من يغطيها

أناخَ دولتَه للدينِ، فارتفعت

بهِ إلى حيثُ لا شيءٌ يساميها

يا قادةَ الدينِ والدنيا وقد عَقَدَت

أيمانُنا بيعةً كالعرضِ نحميها

لسنا بأهلِ ولاءاتٍ مخشخشةٍ

إن هبَّتِ الريحُ سارت في حواشيها

ولاؤُنا لم يكن آذانَ أرنبةٍ

حسبَ المخاوفِ تبديها وتخفيها

ولاؤُنا لكمُ دينٌ ندينُ بِهِ

للهِ حـتى يدكَّ الأرضَ بانيها

ولاؤُنا من حُلَى الدنيا وزينتِها

أعـلى وأغـلى وأرسى من رواسيها

إنا لنـبرأُ مِن مَن باعَ ذمَّتَهُ

في سوقِ سمسرةٍ، من زادَ يشريها

أرداهُ إبليسُ في سوقِ الخوارجِ كم

أبدى لبائعِها نُصحًا وشاريها

خوارجُ اليومِ لـَمَّا اقتادها خلَفَت

خوارجَ الأمسِ ترعـى في مراعيها

عصابةٌ باركَ الشيطانُ محفلَها

يقتاتُ حاضرُها من رجسِ ماضيها

عصابةٌ تتساقى كلَّما اجتمعت

دمَ الإمامينِ خمرًا في نواديها

دمُ الإمامينِ والأيامُ شاهدةٌ

يروي المؤامرةَ الكبرى ويحكيها

بالأمسِ قد قتلوا عثمانَ وانتهبوا

دارَ الخلافةِ باديها وخافيها

بالأمسِ غالوا عليًّا في خلافتِهِ

بضربةٍ من شقيِّ النفسِ غاويها

غالوا الإمامينِ باسمِ الدِّين واجتمعوا

يكـبِّرون ويتلو الآيَ تاليها

وهاهمُ اليومَ جاءونا وقد لبسوا

عباءةَ الدينِ تضليلًا وتمويها

أبدوا مظاهرَ نُسكٍ خلفَها شُبَهٌ

هاجت وماجت فضاعوا في دياجيها

عصابةٌ قرأت آيَ الكتابِ وما

تأمَّلت لمحَ طرفٍ في معانيها

يحقِّرُ العابدُ الأتقى لخالقِهِ

صلاتَه حينَما يلقى مصليها

ويمرقونَ من الدينِ الحنيفِ كما

جازَ الرميَّةَ خطفًا سهمُ راميها

عصابةٌ في كلا العصرينِ واحدةٌ

في البغي لم يختلف إلا أساميها

عصابةٌ أَلِفَت عيشَ الجحورِ وما

بدت لأنَّ ضياءَ الحقِّ يُعميها

تظلُّ في جحرِها حـتى إذا سئِمَت

همَّت فجاست بأفعى من أفاعيها

من عهدِ عثمانَ حتى اليومَ ما انتدبت

إلا عـلى أولياءِ اللهِ باغيها

فلستُ أعجبُ إن أذكت عداوتَها

لدولةٍ خادِمُ النورينِ راعيها

دمًى تخبَّطها الشيطانُ فانتكست

وقد شكت مسَّ إبليسٍ نواصيها

وإنَّ سيفَ أبيكم ناسكٌ ثقةٌ

بالحقِّ من كلِّ شيطانٍ سيرقيها

عفوتُمُ&& فأبوا يمـنى بقدرتِها

عفت، وظنُّوه ثلمًا في مواضيها

وكابروا خلفَ إبليسٍ وما علموا

بأنَّ ربَّك أعطى القوسَ باريها

هل يخذلُ اللهُ مُلكًا من مآذنه

أضاءتِ الأرضُ قاصيها ودانيها ؟!

وتسألُ اللهَ تمكينًا لعزَّتِهِ

تلكَ الحجيجُ الـتي لـبَّى ملبِّيها

فهذه عرفاتٌ بالولاءِ زهت

وضجَّ في موكبِ التأييدِ واديها

بنصرها أمَّةُ المليارِ قد هتفت

فاجتاح موجُ محبِّيها أعاديها

بالنحرِ تدعو عليهم كلَّما نحرت

للهِ في عيدِ أضحاها أضاحيها

خابوا وخابت أمانيهم، فدولتُنا

رقابُنا قبلَ شبرٍ من أراضيها

وخابَ كلُّ ختولٍ شدَّ مـئزرَهُ

ملقِّحًا فتنةً يرجو تماديها

وظنَّ أنَّا غفلنا عن حبائلِهِ

وانسلَّ في عَكَرِ الأحداثِ يُلقيها

أرح ركابَكَ يا مسكينُ من تعبٍ

فدولةُ الدينِ ما اختلَّت مباديها

اختارنا اللهُ فيها أمةً وسطًا

بالخيرِ آمرُها يسعى وناهيها

لن تُرضيَ اللهَ (ليبراليةٌ) لَبِسَت

قناعَ حُريَّةٍ يُخفي مخازيها

خضراءُ في دمنةٍ تُبدِي لناظرِها

حُسنًا ودسَّت أذاها في خوافيها

لن تُرضِيَ اللهَ (عَلمانيةٌ) حَرَمَت

دنيا معيشتِها من دينِ هاديها

وليس يَرضى لنا (قويمةً) قَتَلَت

عزَّ العروبةِ فاندكَّت مبانيها

وكلُّ أفـعى عصا موسى ستلقفُها

في يومِ زِينتِها حـتى تواريها

قد قالَ يومًا وليُّ العهدِ متَّكلًا

مقولةً يومَ أشدو لستُ ناسيها

(بإذنِ من خلقَ الأفـعى وقدرتِهِ

تموتُ الافـعى ويبقى سمُّها فيها)&&&

1426هـ، مكة المكرمة

& البيت مضمن من قصيدة (ساعة) السابقة. && إشارة إلى العفو الذي أصدره الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، وهو ولي للعهد، عن كلِّ من يسلم نفسه من المطلوبين الأمنيين، خلال شهر واحد. &&& من تعليق للملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، وهو ولي للعهد، على الأحداث الإرهابية في السعودية.