لهفة المقل
ألقيت أمام الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله، في قصره في الفرعاء بأبها، في توديعه بعد زيارة قصيرة لها
هبَّت برائحةِ الحَوذانِ والنَّفَلِ
فهيَّجت ما احتوى (أبها) من الغزلِ
هبَّت على الوقتِ في (أبها) بمقدَمِكم
دقائقٌ في عيونِ الدهرِ كالكَحَلِ
أيامُ (أبها) سواءٌ في محاسنِها
سليَّةُ القلبِ من همٍّ ومن مَلَلِ
ويومُ لقياكَ (سلطانُ الزمانِ) بها
فأنتَ في الناسِ سلطانٌ بلا مَثَلِ
في قلبِها عشقُ أعرابيةٍ ألفت
عطرَ الخزامى ونشرَ الشيحِ والنَّفلِ
أصيلةٌ عن عيونِ النَّاس حجَّبها
ضبابُها وانهمارُ العارضِ الهطلِ
حـتى أتيتَ فسلَّت عن مفاتِنها
حجابَها واكتست ثوبًا منَ الجَذَلِ
وأحسنُ الحسنِ فيها أن حللتَ بها
كسوتَها حلَّةً من أجملِ الحُلَلِ
فما درت إذ رأتكم أنَّها سفرَت
ولا اتَّقت بيديها لهفةَ الـمُقَلِ
سعى إلى وجنتيها وهي صامتةٌ
نسيمُ ذكرِكَ فاحمرَّت من الخَجلِ
فعشقُها أكـثرُ الشاكينَ من حسدٍ
لكنَّه الأوحدُ الخالي من العذَلِ
يا مرحبًا وخطاكم في مرابعِها
ألذُّ في وجنـتي (أبها) من القُبَلِ
يا مرحبًا بكَ في أجفانِ لهفتِها
مدًى من العزِّ أندى من مدى الأمَلِ
فليسَ في الأرضِ أندى من محبَّتِها
إلا يمينُك ذاتُ الصيِّب الخضِلِ
يا مرحبًا بكَ نورًا بين أضلعِها
في قلبِ بيتٍ بربِّ البيتِ محتفلِ
محبةً لكَ ما شِيبَت بشائبةٍ
دفَّاقةً في دماءِ السهلِ والجبلِ
فانظر بعينِكَ فيها إذ تودِّعُهَا
تراكَ فيها مقيمًا غـيرَ مرتحلِ
إن غبتَ عن عينِها شخصًا فإنَّكَ في
فؤادِها نبضُ عشقٍ غـيرُ منتقلِ
حبٌّ توارثتِ الأجيالُ لذَّتَهُ
كما ورثتَ عُلا آبائِكَ الأُوَلِ
يا قادةَ الدِّينِ والدُّنيا بكمُ رُفعت
لله راياتِ نصرٍ لن ولم تزلِ
نصرتُمُ الله إخلاصًا فألبسكم
بثوبِ عزٍّ على الآفاقِ منسدلِ
بكم حمى الله أرضَ الوحي من محنٍ&
إبليس يفتلُ فيها أطولَ السَّبَلِ
فمات غيظًا وأضحى سعُي زمرتِهِ
فُقَّاعةً وتلاشت في يدِ الفَشَلِ
مدُّوا إلينا أياديهم فلم تَنَلِ
وأطلقوا السَّهمَ مسمومًا فلم يصلِ
وما رعوا حرمةَ البيتِ العتيقِ ولا
طِيبًا بطيبةَ&& مثوى سيِّدِ الرُّسُلِ
ودنَّسوا المصحفَ المحفوظَ&&& وافتخروا
بنصرة الله والأمجاد والـمِلَلِ
(سفكُ الدماءِ، وقتلُ الأبرياءِ، وتمـ
ـزيقُ الولاءِ، بنابِ الغدرِ والخللِ)
مفاخرٌ لم يزل يسعى بها فرِحًا
إبليسُ من بطلٍ منهم إلى بطلِ
بطولةٌ في حـمى الشيطانِ راتعةٌ
مقودةٌ بحبالِ الختلِ والحيلِ
أوهامُهُ أوقعتهم في حبائِلِهِ
فصدَّقوها وضلوا أنهجَ السُّبلِ
جاءتهم المنُّ والسلوى منزَّلةً
فبدلوها بأكلِ الثُّومِ والبصلِ
وزمزمُ الطهرِ عافوها فما وردوا
إلا بمستنقعات الذلِّ والوجلِ
خانوا محجَّتنا البيضاءَ واتبعوا
جهلًا شعاراتِ أهلِ الزيغِ والميَلِ
وصدقوها فضاعوا في مجاهلِها
مجاهلِ البعثِ والتكفيرِ والدجلِ
لكنَّها فتنةٌ في طيِّها نِعمٌ
فـ”ربما صحَّتِ الأجسامُ بالعِلَلِ”
عنايةُ اللهِ هتَّانٌ على بلدٍ
ساداتُه خدمُ الإسلامِ والمثُلِ
هل يخذلُ اللهُ ملكًا شدَّ مـئزرَهُ
بنصرةِ اللهِ في قولٍ وفي عملِ؟!
سيفُ العدالةِ في يمناه معتدلٌ
به استوى كلُّ شيءٍ غـيرُ معتدلِ
يا ربِّ فاحفظهما من كلِّ عاديةٍ
الكفَّ من شللٍ والسيفَ من فللِ
والشَّعبُ في صخبِ الأحداثِ ينشدُكم
عهدَ الولاءِ والانـثى فيهِ كالرجلِ
سمعًا وحبًّا وإخلاصًا وتضحيةً
من لحظةِ الصِّفر حـتى لحظةِ الأجلِ
هذا جـنى ما غرستم في ضمائرِنا
ما ضاعَ في غمراتِ الحادثِ الجلَلِ
مشاعرٌ في صحافِ الشعرِ تُنضِجُها
عسيرُ معروكةً بالسَّمنِ والعسلِ
1424هـ، أبها
& الإشارة هنا إلى أحداث التفجير الإرهابية التي نفذها الخوارج من أتباع القاعدة في عدد من مدن المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين، عام 2003م
&& إشارة إلى كشف عدد من الخلايا الإرهابية ومخازن الأسلحة والأموال القذرة في مكة المكرمة والمدينة المنورة آنذاك
&&& إشارة إلى كشف عدد من المصاحف المفخخة في أوكار الإرهابيين الخوارج بعد إخلائها في مكة والمدينة