وجاهة
بطلبٍ من الشيخ د. عبد الله بن محمد الشهراني، رحمه الله؛ ردًّا على أبيات طالبٍ له، عاتبه فيها على عدم لبسه (المشلح)، قال فيها:
أحسنت في التذكيرِ والتوجيهِ
وصبغتنا بلطائفِ التنبيهِ
فالله يجزيكَ الثوابَ متمَّمًا
أكرِم بشيخٍ فاضلٍ ونبيهِ
فالمنهجُ العلميُّ تمَّ بناؤهُ
بمقالِكم ذي الحُسنِ والتنزيهِ
لكنكم جئتم بغيرِ وجاهةٍ
فالمشلحُ المحمودُ لا تبديهِ
قد أمَّهُ أهلُ الدناءةِ والخنا
ومسالكِ التشويهِ والتسفيهِ
فأُهيلُ نورِ العلمِ هم أولى بهِ
للعزِّ والإكرامِ والتنويهِ
لا سيما صحبَ المعالي والنُّهى
وصناعةِ الأفكارِ والتوجيهِ
ولباسُهُ للدينِ إكرامًا لهُ
لا للهوى والعُجبِ والترفيهِ
فالله قد رفعَ النفوسَ بنعمةٍ
هي دينُهُ أكرم بمن يرضيهِ
وتُبينُ ذكراه الأنامَ بحكمةٍ
تهدي فؤادًا طيبًا يُصغيهِ
«والبِشتُ» لا يعني عُلوَّ معلمٍ
أو يُوري جهلًا بيِّنًا ويَقيهِ
لكنه زينٌ وحسبُ ملامتي
إعزازُ شرعٍ ربُّنا ممليهِ
وإغاظةُ الباغي العنيدِ وشبههِ
أهل الخنا والزور والتمويهِ
وإليك أصفى مُنيةٍ ومودةٍ
فاقت مودةَ والدٍ لبنيهِ
فقلت أنا:
وصلَ الكتابُ فقلت في تنويهِ:
أهلاً بكاتبهِ وما يحويهِ
وصلَ الكتابُ مطرَّزًا بنصيحةٍ
من صاحبٍ في ناظري تُسميهِ
لكن، رويدكَ قد قسوت صويحبي
وزعمتَ أنِّي جئتُ غيرَ وجيهِ
أترى الوجاهةَ أن أكونَ مزمَّلاً
في بردةٍ؟ يا صاحِ إيهٍ إيهِ
فوجاهةُ السيفِ الحديدِ مضاؤهُ
لا كثرةُ الترصيعِ والتمويهِ
يُخشى المهندُ في الحروبِ مجرَّدًا
لا مغمدًا والسهمُ من راميهِ
ولَرُبَّ ذي طمرٍ وبينَ ضلوعِهِ
كنـزٌ من الإيمانِ والتنزيهِ
ولَرُبَّ ذي تاجٍ وفي أحشائِهِ
قيءُ الدناءةِ طافحًا من فيهِ
هل عزَّتي وكرامتي في بُردةٍ
برَّاقةٍ؟! في قولكم ما فيهِ
من كانت الأوحالُ همَّةَ نفسِهِ
فنضارةُ الأبرادِ لا تعليهِ
إنَّ النفوسَ إذا تسامت رفعةً
هجرت بعزَّتها مراغَ التِّيهِ
أوما قرأتَ ضياءَ سيرةِ أحمدٍ
عن زهدِهِ ولباسِهِ وبنيهِ؟!
أوما سمعتَ عن البذاذةِ عندنا
فيها حديثٌ ثابتٌ نرويهِ؟!
أوما سمعتَ مقولةً مرويَّةً
بنصيحةِ الفاروقِ لابنِ أخيه
“ما تشتهيهِ تشتريهِ أليسَ ذا
من غفلةِ التنعيمِ والترفيهِ”
أسلافُنا هجروا متاعَ حياتِهم
من قارئٍ ومحدِّثٍ وفقيهِ
ما حرَّموهُ بل قلوهُ تخفُّفًا
فهنا متاعٌ والحسابُ يليهِ
في مشهدٍ يأتي الأبرُّ لهولهِ
متخلِّيًا عن أُمِّهِ وأبيهِ
يا من تفرَّدَ بالكمالِ منزَّهًا
أبدًا عن التمثيلِ والتشبيهِ
أخلِص نوايانا لوجهِكَ كلَّها
فالمرءُ مرتهنٌ بما ينويهِ
1422هـ، أبها