وَكِّل بها في رحمةٍ ميكالا&

لا لستِ أوديةً ولستِ جِبالا

يا من ملكتِ شغافَ قلـبي، لا، لا

أنا لا أصدِّقُ أن تكوني جوامدًا

وشوامخًا منصوبةً وتلالا

ملَّكتُها قلـبِي بعابرِ نظرةٍ

وصددتُ عنهُ من العيونِ نِبالا

والغيدُ كم حاولن أن يملكنَهُ

أو بعضَهُ حـتى ولو مِثقالا

أرسلنَ سودَ عيونِهنَّ وزرقَها

وأطلنَ في كنَفِ الغرام جِدالا

فأجبتُهنَّ وفي الفؤادِ تمنُّعٌ

إني جعلتُ وصالَكنَّ مُحالا

أنا عاشقٌ والعشقُ قضَّ مضاجعي

والليلُ والسهرُ المؤرقُ طالا

قالت لي احداهُنَّ: أيُّ مليحةٍ

ملكت فؤادَكَ فانحنى مَيَّالا

فتسابقَت كلماتُ عشقي في فـمي

وأقمنَ في قِمَمِ اللَّهاةِ قِتالا

وتلعثمت بفصاحتي كلماتُها

إذ كانَ حربُ حروفهنَّ سِجالا

ووقفتُ ألتمسُ الجوابَ فلم أُطِق

فأجبتُ بالصَّمت المخيفِ سُؤالا

قالت: لماذا الصَّمتُ؟! قلت لها: أنا…

ها…. كيف…؟ ماذا…؟ واصطنعتُ سعالا

فضحكنَ، فاستحييتُ، ثم ضحكتُ كي

يبدو مِزاحًا عابًرا وهِزالا

وجمعتُ هِمَّةَ خافقي فاستجمعت

وبسطتُّ في ذكرِ الخليلِ مَقالا

وغمضتُ جفـني للحبيبِ فزارني

في التوِّ واستحضرتُ منه خَيالا

ووصفتُ للغيدِ الغيارى حُسنَها

فهوى كلامي شِدَّةً ووَبالا

فعشيقتي استغنت بحُسنٍ، ما ارتدت

أمثالَكنَّ لآلِئًا وغِلَالا

ما أسدلت دوني براقِعَها ولا

سورًا يواري حُسنَها وحِجالا

ولها معي الآلافُ من عُشَّاقِها

وبجودِها تَهَبُ الجميع وِصالا

مهلًا، ولا تهمسنَ، إنَّ عفافَها

كعفافِ مريمَ رفعةً وجلالا

إنَّ الـتي سلبت فؤاديَ لم تكن

إنسًا ولا جِنًّا ولا رِئبالا

هيا معي لـ (رؤوسِ شري) &&كي نرى

منها (تنومةَ) للجمالِ مثَالا

لـمَّا رأينَ جمالَها أكبرنَها

وقطعنَ أيدي حُسنِهِنَّ خَجالى

وهمسنَ لي في دهشةٍ لو أَنَّنا

منها لكنَّا في الجمالِ جَمالا

وصدعنَ حاشَا للذي سمكَ السَّما

ما هذه فيما نراهُ جِبالا

تيـهي تنومةُ أيُّ أرٍض جَمَّعَت

كخصالِ مجدِكِ في البلادِ خصالا

شَدَّ الجمالُ الظَّعنَ من أقطارِها

حـتى أناخَ عـلى رباكِ رحَالا

من سُندسٍ تُكسى الثيابَ وسُقِّيت

ماءً من المزنِ الطَّهورِ زُلالا

ويزينُها (شرفٌ) وتمنعها يدٌ

(منعاءُ) تعطي بالجمالِ نوالا

وبجوفها (المحفارُ) يبعثُ حسنَها

لتظلَّ نبعًا دافقًا وظِلالا

والغابةُ السَّودا بسُودَتِها &&&غدت

في وجنةِ السَّهلِ المنَعَّمِ خالا

نَظرَت شوامخُها إليها فامتلت

عشقًا فمالت&&&&رِقَّةً ودلالا

حسناءُ يُفتَنُ بعضُها من بعضِها

وتزيدُ في هذا وذاكَ كمالا

والبدرُ مفتونٌ بها لو أنَّه

يسطيعُ ما عادَ التمامُ هلالا

في خلقِها للناظرين دلائلٌ

من قدرةِ اللهِ العظيمِ، تعالى

صدحَت بآياتِ الإلهِ فأشبهت

في رافعي صوتِ الجمالِ بلالا

يا أيُّها الأرضُ الـتي أحببتُها

فلتسعفي برجالِكِ الأجيالا

عقمت ولوداتُ البلاد وأنت قد

أنجبتِ يا أمَّ البنين رِجالا

من مزنةِ العزِّ الأصيلِ تقاطروا

فسقوا فمَ التاريخِ حـتى سالا

دومي عـلى رَغَدِ المعيشةِ واهنـئي

وصِلي من الحُبِّ العتيقِ حِبالا

يا ربِّ إني قد دعوتُكَ صادقًا

وكِّل بها في رحمةٍ ميكالا

1420هـ،أبها

& نشرت في كتاب (تنومة الزهراء في عيون الشعراء)، عبد الله بن عبد الرحمن الشهري، ص 176-181 && سلسلة جبال مطلة على تنومة من ناحية النماص &&& الشرف ومنعاء والمحفار وشعف السودة مواضع معروفة في تنومة &&&& الناظر إلى جبال تنومة يجدها مائلة بشكل لافت، كأنها تنظر في سفوحها