أقدس الأحلام

لا تدَّعِ الحُبَّ أنتَ الظالمُ الجاني

قتلتَ حُبَّكَ في أعماقِ وُجداني

فحسبُكَ اللهُ كم أطفأتَ من حُلُمٍ

بنيتُهُ بكَ فاستعليتُ بُنيَاني

قد كنتَ في خافقي حُلمًا أتيهُ به

فراعـني بكَ واحلماهُ حِرمَاني

ولستَ أَوَّلَ شيءٍ قد فُجِعُتُ بِهِ

قد عوَّدتني عـلى الحرمانِ أزماني

لكنَّكَ الأنفسُ الأغـلى بملحمـتي

ففيكَ يا أقدسَ الأحلامِ خُسرَاني

أقولُ ذلكَ يا أقسى مغامرةٍ

عرفتُها والهوى خَفقٌ بشرياني

إلى مـتى وأنا أعفو فتظلمُـني!

إلى مـتى بكَ أحسو كأسَ أحزاني

أتذكرُ الحُبَّ إذ أَسقيكَ لذَّتهُ

شِعرًا فتبعثُهُ لي سمَّ ثعبانِ

بالحبِّ ألقاكَ بالقلبِ الذي خفقت

نبضاتُهُ لكَ، بالهجرانِ تلقاني

والعينُ تبكي فلا تعنيكَ دمعتُها

يا جمرةً تتلظَّى بين أجفاني

واحسرتاهُ عـلى عيـني ودمعتِها!

واحسرتاه عـلى حُـبيِّ وتحناني

واشٍ وشى فأعرتَ الأذنَ صاغيةً

لهُ وصمَّت عن الواشينَ آذاني

كنزتَهُ لكَ ذخرًا واستمعتَ لهُ

وبعتَـني، فهلِ الأمرانِ سيانِ

أرخصتَ سومي بسوقٍ فيهِ قد كسدت

بضاعتي وتهاوى فيهِ ميزاني

فاهنأ بصفقةِ غُبنٍ قد ظفرتَ بها

أذاكَ لي ثمنٌ؟! يا بَخسَ أثماني

تركتُ (أبها) ومن فيها فليسَ بها

سواكَ عندي وقد أزمعتَ هجراني

فأصبحَت بلقعًا. لا، لا أنيسَ بهِ

فَعِش بها أنتَ واستمتع بنسياني

إني رحلتُ وأحلامي تُجدِّف بي

ودمعـتي زورقي والموتُ شطآني

وإنِّـني في الهوى والريحُ تعصفُ بي

(لمخلصٌ لكَ في سرِّي وإعلاني)

لكنَّـني ولو انَّ القلبَ ذو شَغَفٍ

بكم سأبقى عـلى صدِّي وهِجراني

فالنفسُ بالعودةِ الخجلى تحدِّثني

وكبريائي بما أسلفتَ تنهاني

حـتى وإن عدتُّ لن أجـني سوى عطشي

فـي كوثري وانطفائي وسطَ نيراني

سأخرسُ القلبَ إن مالت جوانِحُهُ

لكم بماضٍ به جرَّحتَ أجفاني

أنتَ الذي بدأ الهجرانَ في زمنٍ

كان الفؤادُ لكم عبدًا بهِ ثاني

1420هـ، أبها