القميص اليوسفي

فؤادٌ بأغلالِ المحبِّينَ موثقُ

ومسكُ الهوى في روضةِ الحُبِّ يعبقُ

شربنا بكأسِ الحُبِّ خمرًا فراعَنَا

بأنَّ قليلَ العقلِ من ليسَ يعشقُ

قليلُ الهوى في السُّكرِ ساوى كثـيرَهُ

فمن ذاقَ طعمَ الحُبِّ لا شكَّ مُوثَقُ

عرفتُ الهوى طفلًا وأصبحتُ يافعًا

وها هو ذا بي يافعُ السنِّ، مونقُ

وأودعَ قلبًا فارغًا حُبَّ شادنٍ

يميسُ، وخوطُ البانِ ريانُ مورقُ

أقولُ له والعينُ ماءٌ وجمرةٌ

وروحي على أحداقِها تترقرقُ :

لقد حلَّ في قلـبي هواكم ولم يَعُد

بهِ لسواكم يا مُـنَى القلبِ مَوفِقُ

لساني بذكرِ الحُبِّ فيكم مولَّعٌ

وقلـبي بأشباحِ المقاديرِ يخفقُ

أخذنا ثيابَ الحُبِّ من راحةِ الهوى

وأُبرمَ عهدٌ في هوانا وموثقُ

فلم ندرِ إلا والمقاديرُ قد بَدَت

وثوبُ الهوى في راحتيها مُمَزَّقُ

تمزِّقُ ما حكناهُ وشيًا فضَّمًنا،

قميصٌ بأحلامِ الليالي مُنَمَّقُ

فضاعت وما ضاعَ الهوى من صدورِنا

وإن كانَ قد حُمَّ النَّوى والتَّفَرُّقُ

وعدنا إلى (أبها) وفي كلِّ دمعةٍ

تفيضُ بها عيـني عيونٌ تحدِّقُ

عسى أن ترى خِلًّا تركناهُ مولعًا

بنا وقضاءُ الله في النَّاس يُفرَقُ

وأن نلبسَ الثَّوبَ الذي حاكَهُ لنا

هوانَا وفتقُ الدَّهرِ بالدَّهرِ يُرتَقُ

أَحُثُّ الخُطا بحثًا عن الخِلِّ والهوى

وقلـبي من الأقدارِ بالحُبِّ مُشفِقُ

فيا نفسُ جُدِّي في هوانا فإنَّ لي

فؤادًا عـلى ذكرى المحبِّين يُزهَقُ

فنفسٌ لها من كوثرِ الحُبِّ شربةٌ

ونفسٌ بنـيرانِ المحبِّينَ تُحرَقُ

ويا معشرَ العشَّاقِ هذي وصيتي

فإنَّ الهوى بحرٌ أنا فيهِ مُغرَقُ

(إذا ابيضَّت العينانِ من كـثرةِ البكا

فذاك قميصُ يوسفيُّ محقَّقُ)

1420هـ، الرياض