خِوان الدمع
في رثاء العلامة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز، رحمه الله، أيضًا
مضى عامٌ وحلَّ عليكَ عامُ
وعينُكَ لا يلذُّ لها المنامُ
مضى عامٌ أودِّعهُ بدمعي
وحلَّ على خِوانِ الدَّمعِ عامُ
وقد لقَّحتُ آمالًا عِراضًا
بعامٍ فيهِ بشرٌ وابتسامُ
أرى بدرَ السرورِ بهِ تمامًا،
فلا بدرٌ أهَلَّ ولا تمامُ
وكيف يطيبُ عامٌ قد تنادَت
أوائلُهُ بأن (ماتَ الإمامُ)
وبادرنا بموتِ الشيخِ فيهِ
قضاءٌ ما لنا فيهِ كلامُ
فنارُ الحزنِ فيهِ على فؤادي
لها منهُ اشتعالٌ واضطرامُ
وتَنفُخُ في مواقدِها عِنادًا
حوادثُهُ الملمَّاتُ الجسامُ
فكم ماتت بموتِكَ يا ابنَ بازٍ
كِبارٌ فيكَ قد جُمعت كِرامُ
وكم طربت لموتِكَ يا ابنَ بازٍ
صِغارٌ عنك قد حُجبت لِئامُ
بكتك قصورُنا ألـمًا وحزنًا
وتبكيكَ البواديَ والخيامُ
وتبكيكَ العلومُ فكلُّ علمٍ
لهُ من قلبِكَ الرَّحبِ اهتمامُ
حياضُكَ بالشريعةِ مترعاتٌ
وشاهدُ صفوِها ذاكَ الزحامُ
وأهلُ العلمِ دُرٌّ في نِظامٍ
وقد أوديتَ فانفرطَ النظامُ
وأمتُنا وأنتَ لها اتحادٌ
دهاها بعدَ غيبتِكَ انقسامُ
لأنَّك في يدِ الإسلامِ حدٌّ
وموتَكَ في صوارمهِ انثلامُ
ونارُ الحربِ موقدةٌ عليها
وأنتَ الدرعُ واليدُ والحسامُ
وأنتَ بعينِ أمَّتِنا ضياءٌ
تقشَّعَ من سناهُ لها الظلامُ
فكم جمحت على زيغٍ قلوبٌ
وجودُكَ في معاقدِها زِمامُ
لقد حمَّلتَ أهلَ العلمِ عبئًا
تنوءُ بهِ شوامخُنا العظامُ
ورحتَ تُشِيُّعُ الأكفانَ منَّا
خوافقُنا وأعينُنا غمامُ
وشاهدُك البلادُ ومن عليها
وحبُّ اللهِ شاهدُهُ الأنامُ
فيا نعشًا تشيِّعُه قلوبٌ
تفدِّيهِ وزمزمُ والمقامُ
عليكَ سلامُ ربِّكَ أيُّ نعشٍ
بكى لرحيلهِ البيتُ الحرامُ !
فحزني في دمي يقتاتُ صبري
ولي باللهِ في ذاكَ اعتصامُ
أُسلِّي خافقي عمَّا اعتراني
وللأشعارِ من ديـني لجامُ
بموتِ محمدٍ خـيرِ البرايا
عليهِ صلاةُ ربي والسلامُ
1420هـ، النماص