ثالث العز
ألقيت أمام الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله، في الصالة الملكية بالخالدية في أبها، وكانت لسموه زيارة منتظمة لأبـها في كلِّ أضحى لمعايدة القوات المسلحة بها
تراقصَ الزهرُ زهوًا في روابيها
وفاحَ ريحانُها حبًّا وكاديها
واستقبلتكَ بأنفاسِ الصَّبا فرحًا
(أبها) بسودتِها الجذلى وواديها
بروضِها وبناتُ الأيكِ منشدةٌ
قصائدًا سكرت في ثغرِ ملقيها
يا مرحبًا بكَ في أبها فأنتَ لها
عيدٌ بهِ سائرُ الدُّنيا تهنيها
أضـحت زيارتُكم والكونُ يشهدُها
عقدًا عـلى صدرِ أضـحاها يحلِّيها
فدمعُ فرحتِها في جفنِ غيمتِها
وبسمةُ الحبِّ زهرٌ في روابيها
والشمسُ قد بسطت أوتارَ فرحتِها
والأرضُ قد عزفت أحـلى أغانيها
يا مرحبًا بكَ ما اخضرَّت منابتُها
يا مرحًبا بكَ ما جادت غواديها
ما دامَ سلطانُ يخطو فوقَ تربتِها
فإنَّها قبَّلت أقدامَ واطيها
عـلى حياءٍ تلاقيكم وقد حملَت
إليكمُ الحسنَ، لكن ليسَ يكفيها
فاستقبلتكَ بأرواحٍ وأفئدةٍ
تسابقت كي تراكم من أهاليها
فأنتَ نبضةُ عشقٍ بينَ أضلعِها
وأنتَ معدنُ عزٍّ في أراضيها
يا منهلَ الخـيرِ إن شـحَّت مواردُهُ
(أبها) تحبُّك قاصيها ودانيها
أميرُها وأنا والشعرُ يجمعُنا
وأهلُها والثواني في لياليها
وللدقائقِ أفراحٌ بمقدَمِكم
تراقصت لكَ في (أبها) ثوانيها
وكلُّ شبرٍ لكم حبٌّ بخافقِهِ
في دولةِ العزَّ يا نجوى محبِّيها
كم بسمةٍ بكَ قد عادت لفاقدِها
كم دمعةٍ ضـحكت في جفنِ باكيها!
كم عاجزٍ ضاقت الدُّنيا بهِ فغدى
بذكرِ جودِكَ صافي النفسِ ساليها!
كم دعوةٍ في ظلامِ الليلِ صاعدةٍ
بشكرِ فضلِكَ يرجو اللهَ داعيها!
فأودعَ اللهُ فيكَ العزَّ أجمعَهُ
حـتى أناخت لكَ الدنيا معاليها
وقبَّلَ الناسُ كفًّا غيثُ راحتِهِ
سقى فأروى عِطَاشا من أمانيها
وأنتَ أنتَ! لسانُ الشعرِ عاجزةٌ
عن ذكرِ أفضالِكَ اللائي تواليها
فأنتَ من أُسرةٍ للعزِّ قد خُلقَت
وأودعَ اللهُ أسرارَ العُلا فيها
بها تنفَّستِ الدُّنيا وقد بلغَت
روحُ الجزيرةِ من ضيقٍ تراقيها
تنفَّسَ الصبحُ عن عبدِ العزيزِ وقد
طالَ الظلامُ عليها من أعاديها
طارت بأنبائِهِ الشَّمسُ الـتي شرقت
من خلفِهِ لروابي نجدَ ترويها
فاضت عيونُ الخزامى بالنَّدى فرحًا
ووجنةُ الرَّملِ باللُّقيا تناجيها
رأتُهُ فجرًا قصورُ الحكمِ فابتسمت
شوقًا إليهِ وقد جاشت خوافيها
لو قدَّرَ اللهُ أن تسعى إليهِ سعت
وأمطرَ الحبُّ والتَّقبيلُ مِن فيها
لعانقتهُ وقالت في تحيَّتِهِ
(يا مرحبًا بعظيمِ النَّفسِ عاليها)
(والملكُ لابنِ سُعُودٍ بعدَ خالِقِهِ)
دوَّى الولاءُ بهذا في نواحيها
وبايعته فجاجُ الأرضِ طائعةً
حبًّا ومدَّت للقياهُ أياديها
أعادَ حكمَ مُلوكٍ قد مضوا سَلفًا
أعادَ مِن ذكرياتِ المجدِ ماضيها
وسيفُهُ كعصا مُوسى رمى فسعت
تقضي عـلى فتنةٍ جاست أفاعيها
كم قائلٍ قبلَ أن تأتي بشائرُهُ :
(إنَّ الجزيرةَ أعيت مَن يداويها) !
حـتى أتى وبلاءُ الدَّاءِ محتكمٌ
بها فكانَ بحولِ اللهِ شافيها
(عبدُ العزيزِ) أتاها فارتمت فرَحًا
كلُّ الرعيةِ في أحضانِ راعيها
فضمَّها ضمةً بالعِشقِ عابقةً
فازا بلحظةِ عشقٍ غابَ واشيها
ولحظةُ العشقِ في يمناه قد كـبرت
حـتى غدت مئةً& رقَّت حواشيها
وأثمرَت همَّةٌ في قلبِهِ غُرِسَت
أفعالُه من كتابِ اللهِ تسقيها
وماتَ في كفنِ التَّقوى لتوردَهُ
خُلدًا ودولتُه في حفظِ باريها
وخلَّفَ العرشَ فـي أيدٍ تقومُ بهِ
فنامَ نومَ قريرِ العينِ هانيها
مضى وللمجدِ من ذكراهُ أوردةٌ
العَودُ&& في أذنِ التاريخِ يحكيها
ونحنُ من بعدِهِ في عهدِ من شُغِفَا
بحبِّهِ حاضرُ الدنيا وباديها
(فهدٌ) تربَّت عـلى الأمجادِ هامتُهُ
فوجَّهَ الريحَ نحو المجدِ توجيها
قادَ السفينةَ يحدوها فأسمعنا
حداءَها العذبَ (باسمِ اللهِ مجريها)
ثلاثةٌ قادةُ الدُّنيا وساستُها:
الفهدُ بادٍ، وعبدُ اللهِ ثانيها
وثالثُ العزِّ سلطانٌ به شرُفت
(أبها) فحلَّ عزيزًا في مآقيها
عذرًا أبا بندرٍ &&& والحفلُ ملتهبٌ
بنورِ سلطانَ زاكي الرُّوحِ زاهيها
إنِّي أُحِبُّكَ لا خوفًا ولا طمعًا
تلكَ المحبةُ في أسمى معانيها
دعـني أشرِّفُ أَبياتي أعطِّرُها
بحكمةٍ لكَ قد دانت قوافيها
(إيلا صفا لك زمانك عِلّ يا ظامي
اشرب قبل لا يحوس الطين صافيها)
وقد صفا زمـني مذ أن وقفتُ هنا
أشدو إليكم بأبياتي وأهديها
1419هـ، أبها
& إشارة إلى مرور مئة سنة على استعادة الملك عبد العزيز للرياض، وكانت آنذاك مناسبة وطنية فاعلة
&& مقبرة عامة في الرياض فيها قبر الملك عبد العزيز ومعظم أبنائه، رحمهم الله
&&& (أبا بندر) الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة عسير آنذاك، والبيت المضمَّن لسموه