بؤس
بعد الفراغ من قراءة ديوان أبي القاسم الشابي
أقلِل يا قلبُ من الشَّكوى
فالدُّنيا بؤسٌ وظلام
وتناسَ الهمَّ فما الدُّنيا
إلا تغريرٌ وحُطام
لا ترجُ سعادتها أبدًا
فالفرحةُ فيها أوهام
وانظم أشعارَكَ ردِّدها
سِـحرًا من وَلَهٍ وهُيام
أعظمُ من دنيا ترجوها
أن تبعثَ فيها الأنغام
أنغامٌ قلبُكَ يرسلُها
فتعانقُ فيكَ الأنسام
باللهِ بربِّكَ حدِّثنا
وحيٌ أم هذا إلهام
صبرًا يا قلبُ على الدُّنيا
يا دارًا من غيـرِ مقام
يا أمًّا ترضعُنا حَزَنًا
ما دمنا والموتُ فِطام
الشقوةُ جاءتنا قدرًا
مكسوًّا ثوبَ الآلام
تحدوه الدُّنيا ويداها
قوسٌ يرمينـي بسهام
والفرحةُ تمشي وخطاها
تعثـرُ ما بين الأقدام
واستبقا البابَ وقد عثـرت
وبقيتُ بأشقى الأيام
في دنيا عن عمدٍ تتركنا
فـي سهرٍ مضنٍ وتنام
مدَّت دنياكَ أناملَها
تجتثُّ بقايا الأحلام
من ثغرِ يتيمٍ قد نظمت
شكواهُ دموعَ الأيتام
الدُّنيا كم قتلت طربي
واستحيت حُزنَ الأعوام
فالطيرُ يغنـي من ألمٍ
والزَّهرُ يُعَزِّي الأكمام
والدَّوحُ حزينٌ فرحتُهُ
ضائعةٌ بينَ الآكام
فامزج شكواكَ مُقلِّبةً
قلبـي بِلُعَابِ الأقلام
واجعلها لونًا سـحريًّا
تغويهِ ريشةُ رسَّام
1416هـ، الرياض