ألقاك من يده الزمان
في رثاء شقيق روحي ونصيف نفسي
العميد الركن سعيد بن محمد بن مبشر العمري
الذي وافته المنية في حادث سير فاجع، في محافظة تنومة
يوم الاثنين 15 ذو القعدة 1438هـ، توفي فيه هو وزوجه وابنته (بيان)
رحمهم الله تعالى، وتقبلهم عنده في الشهداء
حتى مماتُكَ فارقٌ إيقاعُهُ
لم ترضَ إلا أن يَـجِلَّ سَماعُهُ
فاجتاحَ كلَّ سَكِينةٍ في خِدرِها
“نبأٌ” طَويلٌ في الفجائعِ باعُهُ
قالوا: (رحلتَ)؛ فكُلُّ صَدرٍ همهمَت
أنفاسُه، وتهامسَت أضلاعُهُ
وتكاذبَت في كلِّ قلبٍ صادقٍ
خفَقاتُه، وتكالبَت أرباعُهُ
وطما اليقينُ على العُروقِ؛ فطمَّها
دَهَشُ الفِراقِ، وهالَـها إسراعُهُ
وتناوحَت مَسعورةً رِيحُ الأَسى
مِلءَ النفوسِ، وأجلبَت أوجاعُهُ
تهوي بأفئدةٍ خَلَت لـمَّا خلا
منكَ الزمانُ، وضاقَ عنكَ وَسَاعُهُ
في مَصرعٍ لم يُبقِ قلبًا مُوصَدًا
إلا وَفُتِّحَ للضَّنى مِصراعُه
فتجاوبَت تحتَ الـمُصابِ بِغَمِّها
مُهَجٌ عليها الكَربُ مُدَّ شِراعُهُ
فُجِعَت فأقفرَها وأنزَفَ ماءَها
مِن كلِّ هَمٍّ هِيمُه وجِياعُه
وكأنَّها بالأمسِ لم تكُ جَنَّةً
عُرشَت بِسعدٍ أنتَ أنتَ جِماعُهُ
ألقاكَ من يده الزمانُ، وأنت مَن
ملأَ الحياةَ نضارةً إيناعُهُ
يا مالئًا شَغَفَ القلوبَ بِـحُبِّهِ
فاستغرقَت أنواعَها أنواعُه
قَلَبَ الزَّمانُ رداءَه؛ فملأتَها
أَلَـمًا، عليها أجحفَت أطماعُهُ
بالأمسِ حينَ اكتالَ كلُّ مُتيَّمٍ
وارتدَّ مملوءًا بِـحُبِّكَ صاعُهُ
قد زدتَّني في الحُـبِّ حِـملَ سَريرةٍ
فيها صُواعُ عزيزِها ومَتاعُهُ
واليومَ إذ نُشِرَت صحائفُ حُبِّنا
وتطايرَت بينَ القلوبِ رِقاعُهُ
كلٌّ بقدرِ هواهُ أُورِثَ لوعَةً
يُسقَى بها كي لا يَجِفَّ يَراعُهُ
ووَرثتُ وحدي مِن فِراقِكَ مَأتمًا
حُشِرَت إليَّ وُحوشُهُ وسِباعُهُ
تَعوِي فأُطعِمُها فؤاديَ حَسرةً
بيدَي جوادٍ لا تَزِيغُ طِباعُهُ
وقَفَت بيَ الأيَّامُ في اليومِ الذي
رحلَ الحبيبُ بهِ، وعزَّ وَداعُه
وانسلَّ مصطحبًا (بيانَ) و(أمَّها)
فالبدرُ لا ينفكُّ عنهُ شُعاعُهُ
1438هـ أبها