المعتقات السبع

بمناسبة الموسم العاشر لسوق عكاظ 1437ه/2016م

هوى إلى الأرضِ في ذَنبٍ قد اقترفَه

لـمَّا دنا للجنى المحذورِ واقتطفَه

أغوَته حسناءُ إذ مَلَّت مفاتنُها

“قَصدَ الكلامِ” وتاقَت أن ترى “سَرَفَه”

فناصحَته وقد ألقَت غِوايتُها

عليهِ همسًا مِن الإغراءِ فاكتنفَه:

“كُل مِن جنى الكَذِبِ الخلَّاقِ واحدةً

فـ(البوحُ) مِن غيرِ كِذْبٍ في الغَرامِ (سَفَه)”

فذاقَه فكسَت عيناهُ سَوأتَها

شَطرَينِ مِن (وَرقِ الـمَكرِ) الذي خصَفَه

وراحَ يَنقُشُ (أصباغَ المجازِ) على

(وجهِ الخديعةِ) كي يُخفي بها (كلَفَه)

وانسلَّ كالعِطرِ يُغويها فتُسكِنُه

فُستانَها، وبهِ فيما ترى أنَفَه

وما درَت أنَّه لولا تعجُّلُها

قد كادَ يُبدي لها في ذِلَّةٍ شَغَفَه

وأنَّها كلَّما رشَّت بهِ: انقطَعت

في قُبَّتَي صَدرِها النَّفحاتُ مُعتكِفَه

وأنَّه لم يدَع وقتَ اعتكافتِهِ

مِن أرضِها جَبَلًا إلا رعى شعَفَه

تغافَلي عنهُ، يا حسناءُ، وانخدعي

لغَدرِه، واستديمي في الهوى لـهَفَه

وأوهميهِ فإنَّ (الوَهمَ) يُلهمُه

ما تشتهينَ مِن “المكرِ” الذي احترفَه

فـ(الحُسنُ) بـ(الحُسنِ) يُجنى في مُقامرةٍ

بَيضاءَ، كاسِبُها مَن لـم يُصِب هدفَه

هذا هو (الشِّعرُ) لا صِدقٌ ولا كَذِبٌ

مَن ظنَّ فيهِ سِوى هذا فما عرَفه

قد أنجباهُ معًا مِن أجلِ غاويةٍ

حسناءَ، واقتسما الذَّنبَ الذي اقترفَه

فانحطَّ في أُفُقِ الدُّنيا فطارَ لهُ

(عُكاظُ) في غفلةِ البيداءِ والتقفَه

فكانَ للشِّعرِ دونَ الأرضِ عاصمةً

أُولى، ومدَّ على أقطارِها كنفَه

في سُكرِ لذَّتِهِ (الغاوونَ) كم سمروا!

في حضرةِ (النَّارِ) و(القَمراءِ) و(السَّدفَه)

وفوقهم (هائمو الوديانِ) كم وقفوا!

كلٌّ يُفاخِرُ بـ(الوادي) الذي اكتشفه

وأنَّه قد رأى (السِّعلاةَ) فيهِ، لها

عشرونَ نابًا كنابِ (الفيلِ) مُنعَقِفَه

ووَجهُ (ذِئبٍ) لـ(حَدباءٍ) تَسيرُ على

ساقَي (أتانٍ) بفَروِ (القِردِ) مُلتحِفَه

وأنَّه لم يزَل فردًا يطاردُها

حتى اعتلاها قبيلَ الفَجرِ مُرتجفَه

فالشِّعرُ: خَلقُ أساطيرٍ مُعتَّقةٍ

في كلِّ جِيلٍ ليُسقيها لـمَن خلفَه

هنا (المحبُّونَ) صاغوا أَلفَ معركةٍ

معَ خِباءٍ ونهدٍ نافرٍ وشَفه

كلٌّ يُزخرفُ للسُّمَّارِ وَقعتَه

وأنَّه كادَ أن يَلقى بها تلفَه

فالشِّعرُ: فضُّ الكلامِ البكرِ، ليسَ لهُ

سوى (حِكايةِ أُنثى) تَجتني تُحَفَه

إلى هُنا كلُّ (صَبٍّ) جاءَ مُرتحلًا

مِن (الضَّياعِ) ليشكو هاهنا دَنَفَه

فلم يَدَع في طريقِ (التِّيهِ) حين أتى

شيئًا لهُ لذَّةٌ إلا وقد وصفَه

وقامَ يَطحَنُ للجُلَّاسِ: وَقفتَه

بكاءَهُ، شوقَه، أيَّامَهُ، أَسَفَه

عن عِشقِهِ (بعرَ الآرامِ) في طَللٍ

سارَ (الحبيبُ) بهِ، عن (حنظلٍ) نقفَه

فالشِّعرُ: رؤيةُ (حُسنِ القُبحِ) إن عَمِيَت

كلُّ البصائرِ عنهُ أن ترى رَهَفَه

هنا على صَفحةِ الظَّلماءِ كم نقَشُوا

زهوَ (الـمُغيراتِ): صُبحًا لا ترى طَرفَه!

كلٌّ يُفتِّقُ في أوصافِ (صَاهلِهِ)

ضَبحَ الحُروفِ: تُباري ياؤُه ألِفَه

ويدَّعي أنَّ (صِيدَ الخيلِ) أَيأسَها

(جوادُه) أن تُداني في العُلا شَرَفَه

وأنَّهُ (ماردٌ) لو كانَ طاولَه

زَندٌ سواه مِن (الفُرسانِ) ما اعتسفَه

فالشِّعرُ: أُبَّهةُ (المعنى) تُناخُ لهُ

شُمسُ (القوافي) فيَستوفي بها تَـرَفَه

كم (مُطعِمٍ سَغَبَ الأسماعِ) قامَ هُنا

يَشوي (حِكايةَ صيدٍ) نافرٍ صدفَه!

كأنَّما ابتلعته الأرضُ، أو دَلَقَت

لهُ السَّماءُ شُواظَ البرقِ فاختطفَه

ما زالَ يفركُ عنه الرَملَ في يَدهِ

حتى أتاهُ بهِ الجُحرُ الذي كنَفَه

فالشِّعرُ: كَشطُ خُبوتِ البوحِ عن كَلِمٍ

نوافرٍ في جُحُورِ الرُّوحِ مُنكسفَه

و(القائلون لِـما لا يَفعلونَ) هنا

كلٌّ يُغنِّي على اللحنِ الذي عزفَه

يقولُ: إنَّ لهُ قومًا (إذا بلغَ الـــ

ــــفِطامَ منهم صبيٌّ خرَّتِ الـجَنَفَه)

وأنَّ تاجرَ تمرٍ من قبيلتِه

قد باعَ في هَجَرٍ وقتَ الجنى حَشَفَه

وأنَّ جامعَ درٍّ حينَ عاندهُ

مَوجُ الخليجِ أَمالَ البحرَ وارتشفَه

فالشِّعرُ: سجدةُ جبَّارٍ وبيعُ سُدًى

وثَقبُ لؤلؤةٍ عذراءَ في صَّدَفه

و(الحالمونَ بأَسرِ الشَّمسِ) كم كمنُوا

قبلَ الـمَغيبِ، وقد جاءتهُ مُزدلفه!

وأطلقوا في مُروجِ اللَّيلِ ما جَمعوا

مِن الوميضِ لكي يَستمطروا كِسَفَه

فالشِّعرُ: أَسرُ (بريقِ الرُّوحِ) هاربةً

مِن نِقمَةِ الطِّينِ لـمَّا راودَت خزَفَه

يا ليلُ هذي (الوصايا السَّبعُ) في شَغَفٍ

كان امرؤ القيسِ قد أوصى بها (طَرَفَه)

وجدتُّها أمسِ في (صُندوقِ خَولتِهِ)

منسوجة كبقايا الوشم منخسفه

1437هـ أبها