بردة الندى
ألقيت أمام الأمير خالد بن سلطان، نائب وزير الدفاع آنذاك، في الصالة الملكية بحي الخالدية في أبها، في حفل استقباله الذي أقامته إمارة منطقة عسير
كغيثٍ بأبها أمس جادت سحائبُه
وقرَّت غواديه وطابت مشاربُه
حللتَ بأبها فاكتست بردةَ النَّدى
وثوبًا بهِ من كلِّ روضٍ كواعبُه
كفرحةِ أبها بالسَّحابِ وقد غدا
يداعبُها في فرحةٍ وتداعبُه
تلقَّتكَ أبها بابتسامةِ عاشقٍ
أناخت على مرسى العناقِ مراكبُه
كريحانِ أبها في حياضِ مُسِنَّةٍ
عسيريَّةٍ طولَ النهارِ تراقبُه
قطفنا لكَ الترحيبَ من كلِّ مهجةٍ
بها من ولاءِ الأوَّلين نجائبُه
كسودةِ أبها وهي تختالُ وحدَها
على شامخٍ كادَ السحابُ يقاربُه
بكَ امتلأت أبها شموخًا، وزارها
بكم حاضرُ المجدِ العظيمِ وغائبُه
كفرعاءِ أبها حينَ حلَّ بقلبِها
أبوكَ أبو الخـيرِ العميمِ وكاسبُه
أتى وهيَ القرعاءُ بينَ لِداتِها
فجادت بإحدى نقطتيها مواهبُه
فأضحت بهِ فرعاءَ، حبَّةُ خالِها
يغارُ كتابُ الحسنِ منها وكاتبُه
وجئتَ وسلطانُ الذي في فؤادِها
كما هوَ لم تنقص فتيلًا مراتبُه
فوافتكَ بالحبِّ الذي خصَّها بهِ
أبوكَ وبالحبِّ الذي أنتَ واهبُه
فيا ضيفَ أبها والهوى في فؤادِها
يغذِّيهِ وقتٌ لا تملُّ عقاربُه
حللتَ بأبها فارتمت من حنينِها
بحضنِ شقيقٍ طاهراتٍ مناسبُه
فأبها اسمُها (ابها بنتُ سلطانَ) نسبةٌ
يباركُها أبناؤُهُ وأقاربُه
وها هي (أبها بنتُ سلطانَ) حُرَّةٌ
تَضُمُّ أخاها خالدًا وتخاطبُه
وتحكي لهُ من ذكرياتِ أبيهِما
بها ما تسرُّ السامعين غرائبُه
على روحهِ من رحمةِ اللهِ نفحةٌ
تؤانسُه في قـبرِهِ وتصاحبُه
فكم آنست أبها مواسمُ جودِهِ
إذا خيَّبت راجي النجومِ كواكبُه
وكم فاخرت أبها سهيلًا بوجهِهِ
وقد ملأتها بالجلالِ مواكبُه
وكم هاجَ أمواجَ القبائلِ حبُّهُ
فغصَّت بهم من كلِّ ساحٍ جوانبُه
فقد فاقَ آفاقَ الرِّجالِ بأربعٍ
فطمَّت أعاجيبَ الزمانِ عجائبُه
يمينٍ كأنَّ اللهَ أوحى لخمسِها
بآياتِ جودٍ معجزاتٍ مذاهبُه
ووجهٍ كأنَّ اللهَ أودعَ يوسفًا
بهِ حين قطَّعن الأيادي صواحبُه
وثغرٍ كأنَّ اللهَ أرسلَ لفظَه
بدينٍ من السحرِ الحلالِ يناسبُه
وقلبٍ كأنَّ اللهَ مدَّ رحابَه
لكلِّ يتيمٍ كي تموتَ متاعبُه
بهِ فُجعَت أبها فصرَّت فؤادَها
على الصبرِ في يومٍ عظيمٍ مصائبُه
وردَّت إلى ربِّ السماواتِ شأنَها
فعوَّضها منكم أخًا عزَّ جانبُه
أخٌ يشهدُ الحدُّ الجنوبيُّ أنَّهُ
عذابٌ من المولى على من يحاربُه
وعاصفةُ الصحراءِ تشهدُ أنَّه
بحنكتِهِ نصفٌ ونصفٌ كتائبُه
ويقسمُ (شيفنمانُ)& طاووسُ قومِهِ
بأنَّك صقرٌ دامياتٌ مخالبُه
أمـيرٌ تربَّى في يدِ الحربِ وحدَهُ
وجَرَّبَ حـتَّى أنضجتهُ تجَارِبُه
ولقَّنهُ سلطانُ تاريخَ جدِّهِ
فآمنَ أنَّ العزَّ حُمرٌ مطالبُه
وأنَّ لذرَّاتِ الـترابِ قداسَةً
مـتى مسَّها غِرٌّ بكتهُ نوادبُه
وأنَّ مذاقَ الصبرِ مُرٌّ ، وأنَّه
مـتى صاحبَ الإيمانَ تحلو عواقبُه
كما قد حلت أيامُ أبها وأشرقت
بكم وأتاها السعدُ تسعى ركائِبُه
فيا مرحبًا ترحيبةً أبهويةً
بها من عتيقِ المسك ما شابَ حاجبُه
أضمِّخُ أشعاري بها باسمِ سيِّدِ
من المسكِ صِيغَت نفسُه ومناقبُه
إلى خالدٍ تنساب باسم ابنِ خالدٍ
كغيثٍ بأبها أمس جادت سحائبُه
1433هـ، أبها
& شيفنمان: وزير الدفاع الفرنسي أيام حرب تحرير الكويت، دارت بينه وبين الأمير خالد بن سلطان مبارزة قيادية أيام الحرب، وصفها الأمير خالد في الفصل السادس عشر من كتابه (مقاتل من الصحراء).