مشرق البسمات

بمناسبة عودة الأمير سلطان بن عبد العزيز، رحمه الله، إلى أرض الوطن بعد رحلة علاجية استغرقت أكثر من عام

عن سَردِ فضلِكَ يعجزُ الشُّرَّاحُ

يفنى الكلامُ وفضلُكم نضَّاحُ

فالشمسُ مهما قيلَ عن إشراقِها

لا، ليسَ مثلَ سطوعِها إيضاحُ

يا مَشرِقَ البَسَمَاتِ كلُّ فضيلةٍ

هيَ وجهُكَ المتوهِّجُ الوضَّاحُ

أرأيتَ كيف تفارقت لفراقِهِ

من شعبِكَ الأجسادُ والأرواحُ

إذ شرَّدَ الأرواحَ من أجسادِها

همٌّ لكلِّ سعادةٍ ذبَّاحُ

ولقد طغى وبغى على أرواحِنا

حَزَنٌ بطولِ غيابِكم طفَّاحُ

أرأيتَ كيف تعكَّرت أيَّامُنا

وسَطَت على ساعاتِها الأتراحُ

أرأيتَ، يا سلطانُ، أيَّ مصيبةٍ

حلَّت بنا إذ شمَّرَ الجرَّاحُ

يا واحدًا في سُقمِهِ سُقمُ الورى

وحياتُهُ لحياتِهم إصباحُ

أرأيتَ كيف تركتَ خلفَك وحشةً

يكوي القلوبَ جحيمُها اللفَّاحُ

وسطا علينا واستباحَ دماءَنا

يُتمٌ بكلِّ عروقِنا سبَّاحُ

غابت بغَيبتِكَ المباهجُ، وانطفا

في كلِّ قلبٍ بَعدكَ المصباحُ

فَغَدَت قلوبُ المسلمينَ سَلِيبَةً

مهجورةً، تحتلُّها الأشباحُ

غُرَباءُ في أجسادِهم، تغتالُهُم

أحزانُهُم، وكأنَّهم نُزَّاحُ

نَزَحَت بهم عنهم، وعن أحلامِهِم

غَمَراتُ حُزنٍ ما لها ملَّاحُ

ورَمَت بنا الأيَّامُ عن صَهواتِها

ومضى وحيدًا عامُهَا الجَمَّاحُ

عامٌ كـ (لا عامٍ) مضى وكأنَّهُ

في هيكلِ القرنِ الجديدِ كُساحُ

عامٌ مضى، وكأنَّنا لسنا بهِ

وكأنَّ عيشًا لستَ فيهِ سِفَاحُ

أرأيتَ، يا سلطانُ، كيفَ تلاعَبَت

بحظوظِنا من بَعدِكَ الأقداحُ

أرأيتَ (أبها)كَ الـتي عَلَّمتَها

أنَّ السُّفُورَ عن الزُّهُورِ مُباحُ

لَبِسَت خِمارَ الحُزنِ بَعدَكَ فانكفى

تحتَ السَّوادِ عبيرُها الفَوَّاحُ

وتضاءلَ الحُسنُ الذي ربَّيتَهُ

في وجهِها، وتفرَّقَ السُّوَّاحُ

وغَدَت حُقُولُ القَمحِ شاحِبةً، وقد

ألقى عصاهُ، وأطرقَ الفلَّاحُ

وتَفَرَّقَ الصفُّ العسيريُّ الذي

لكَ كانَ يرقُصُ، ما عليهِ جُنَاحُ

لكَ كانَ يرقُصُ رقصةَ الحربِ التي

لكَ ينثـنِي إيقاعُها السَّفَّاحُ

جُمِعَت لأجلِكَ أنتَ تحتَ لِوائِه:

طَرَبٌ، وجُندٌ خُلَّصٌ، وسِلاحُ

أرأيتَ ذاكَ الجَمعَ، لم يخفِق لهُ

مُذ غِبتَ عن تلكَ الصُّفوفِ جَناحُ

ضاقَت حناجِرُنا بنا، وترنَّحت

أبها، وضَاعَ البُلبُلُ الصَّدَّاحُ

وعسيرُ كاد يَلُفُّها اليأسُ الذي

يسعى (مُسَيلَمةٌ) بهِ، و(سَجَاحُ)

لولا ابنُكَ الـبَرُّ الذي عَلَّمتَهُ

أنَّ الحياةَ تفاؤلٌ وكِفَاحُ

ما زالَ فيصلُ في غيابِكَ ومضةً

بالفالِ يلمعُ زَندُها القَدَّاحُ

قلنا لهُ: إنَّ الأمورَ استغلقَت.

فأجابَ: لكن ربُّكُم فتَّاحُ

ودعا بنا، فتسابقت أنفاسُنا

نحوَ السَّماءِ، وكلُّها إلحاحُ

فبَدَت لنا من خَلفِ أطنابِ الأسى

بُشرى يكادُ يُصِيبُها اللمَّاحُ

ما زالَ يَكـبُرُ في النُّفُوسِ شَعَاعُها

حـتى تفجَّرَ بالحياةِ صَبَاحُ

وتَنَفَّسَ الصُّبحُ الكبـيرُ ، وهلَّلت

أبها، وكـبَّرَ عشقُها البوَّاحُ

وأطلَّ وجهُكَ في الرياضِ تحوطُهُ

تقوىً، ونورٌ ظاهرٌ، وصلاحُ

فتدفَّقَت فينا الحياةُ، وفُجِّرَت

في عُمرِنا الأعيادُ والأفراحُ

وبدا بكَ العامُ الجديدُ متوَّجًا

وعليهِ منكَ قِلادةٌ ووشاحُ

فاهنأ بفضلِ اللهِ يا مَن عُمرُهُ

في كلَّ دَربٍ صالحٍ طمَّاحُ

فلقد عَرَفتَ اللهَ في زمنِ الرَّخا

فأتاكَ يسعى جُودُهُ النَّفَّاحُ

واهنأ بـ (حُبٍّ) لم تزل سلطانَهُ

متدفِّقًا لقلوبِنا يجتاحُ

فَلأنتَ (مملكةُ السَّخاءِ) وبابُها

وقِلاعُها ويمينُكَ المفتاحُ

1431هـ، أبها