أم القرى
ألقيت أمام الأمير فيصل بن خالد، أمير منطقة عسير، في حفل اختتام برامج خيمة أبها السياحية الدعوية الثانية، في مقر الخيمة أمام مدخل حي المحالة بأبها
كلُّ المسالكِ في أم القرى تقفُ
لا قندهارُ ولا روما ولا النجفُ
أمُّ القرى أمُّنا في حِجرِ كعبتِها
وثدي زمزمِها مأوى ومرتَشفُ
أمٌّ لنا أنجبتنا أمةً وسطًا
فكانَ للخـيرِ منا روضةٌ أُنُفُ
فأيُّ أمٍّ يريدُ المارقونَ لنا
وأُمُّنا كَنَفٌ ما مثلُهُ كَنَفُ
أقندهارُ الـتي أضحت بعالمِنا
أمَّ الغُلاةِ إلى أوحالِها انجرفوا
أم حضنُ روما الذي عرَّتهُ سافرةً
أمُّ العُراةِ فلا دينٌ ولا شرفُ
أم صدرُ أمِّ الغُواةِ الخُتلِ في نجفِ الـ
ـقطعانِ كم لَعنوا فيها وكم قَذفوا
(لا) ثم (لا) ثم (لا) لن نرتضي بدلًا
بها، ونفنى لتحيا اللامُ والألفُ
فقل لكلِّ رضيعٍ للثلاثِ على
عُقوقِ أمِّ القرى يُرمى لهُ العَلَفُ
إنَّ الثلاثةَ والشيطانُ رابعُهم
تعاهدوا أن يخونوا ربَّهم فوفوا
غالٍ وغاوٍ وعارٍ ، بينهم نسبٌ
في آلِ إبليسَ صافٍ، بئسَ ما اقترفوا!
فقد تساقَوا دمَ الشيطانِ واغتسلوا
في بولِهِ، واحتسوا من قَيئِهِ وغفوا
واستيقظوا فكساهم من خزائنِهِ
ثيابَ زُورٍ بها الأبصارُ تُختطفُ
وساقهم فأتوه بالذي عجَزَت
عنهُ شياطينُهُ هاوٍ ومحترفُ
فـ(الخارجيُّ) الشقيُّ اللادِنيُّ بهِ
فؤادُ تلِّ أبيبٍ مغرمٌ كلِفُ
بهِ سحابةُ هارونَ الرشيدِ غدت
تهمي وشارونُ يجنيها ويخترفُ
لولاهُ لم تلقَ إسرائيلُ قنطرةً
نِفطُ العراقِ بها ما زالَ يُنتزَفُ
لولاهُ لم تمسِ باكستانُ مجزرةً
للعنفِ مُفتَرشٌ منها ومُلتَحفُ
ولا انكوى قلبُ أمٍّ بابنِها فغدا
فؤادُها فارغًا يعوي بهِ الأسَفُ
و(مقتدى) عربيٌّ حينَ تسمعُهُ
لكن عروبتُهُ في أصلِها خَزَفُ
ويدَّعي نسبًا في هاشمٍ ولقد
تبرَّأت منهُ في أصلابِها النُّطَفُ
أيلتقي برسولِ اللهِ مؤتَفكٌ
قد التقى فيهِ سوءُ الكيلِ والحشفُ
ابنُ الخمينيِّ والحوثيُّ توأمُهُ
ففيهما منهُ طبعٌ ليسَ يختلفُ
هواهُما صفويٌّ فارسيتُه
دينٌ، و(قُم) قبلةٌ أولى ومُعتَكفُ
وفي كنيسةِ بابا الرومِ أفئدةٌ
تكادُ من صحوةِ الإسلامِ تنخسفُ
ولم يزل همُّها إخمادَ صحوتِهِ
في ملتقى شهواتٍ ما لها طَرَفُ
فأوهمونا بأنَّ العيشَ غايتُهُ
الخمرُ والمرأةُ الجرداءُ والترفُ
وأنَّ دنيا تُراعي الدينَ منقصةٌ
فكلُّ حُرٍّ عن الأديانِ منصرفُ
وأنَّ حُريَّةَ الأقلامِ ليسَ لها
في العالمِ الحُرِّ حَدٌّ عندَهُ تقفُ
ثلاثةٌ من طواغيتِ الزمانِ بهم
سوءاتُ كلِّ السلوليينَ تنكشفُ
ثلاثةٌ زادَنا فخرًا بمنهجِنا
أنَّا لكلِّ ختولٍ منهمُ هدفُ
وأنَّنا بسويِّ الطبعِ نَقذَرُهم
حالَ الكرامِ كما تُستَقذَرُ الجِيفُ
تفرَّقَت سُبُلُ الدنيا بهم ولنا
محجَّةٌ من فؤادِ الخلدِ تغترفُ
وفي المدينةِ معصومٌ أنارَ لنا
قصدَ السبيلِ فلسنا عنهُ ننحرفُ
وفي الفضائلِ ربَّتنا أوائلُنا
ودينُنا بجميلِ العُرفِ يعترفُ
وما نسينا إذِ التاريخُ قال لنا
لن يغلِبَ اللهَ زنديقٌ ومنحرفُ
وفي مآذنِنا داعي الفلاحِ بهِ
نصونُ من دينِنا ما صانهُ السلَفُ
وإن تولَّت عهودُ الراشدينَ ففي
آلِ السُّعودِ لنا من بعدِهم خَلَفُ
وفي الرياضِ إمامُ المسلمينَ لهُ
عهدٌ بأعناقِنا من دونِهِ التلفُ
ابنُ الإمامِ، الإمامُ، المستنارُ بهِ
أخو الأئمَّةِ، ما جاءت بهِ الصُّدَفُ
أصولُ نخلتِهم في الأرضِ ثابتةٌ
وطلعُها في يدِ الرحمنِ والسعفُ
ما هزَّها اللهُ إلا أنجبت ملِكًا
كأنَّهُ من جِنانِ الخُلدِ مقتطفُ
فمكةٌ واختُها في ظلِّ نخلتِهم
كمريمٍ وابنِها ما مسَّها شظفُ
ولَّاهمُ اللهُ دونَ الناسِ أمرَهما
بحكمةٍ منهُ، ما في حُكمِهِ جنفُ
لأنَّهم جبلُ النورِ الذي انقطعت
في غارِهِ دولةُ الإسلامِ تعتكفُ
وقد رأت من دُخانِ الجاهليةِ في
سمائِها كِسَفًا من فوقِها كِسَفُ
فأرسلَ اللهُ ريحًا منهُ ساريةً
نجديةً يمتطيها جَدُّكَ& الأنِفُ
في مائِها غسلَ الإسلامُ بردَتَهُ
وعادَ من برقِها في حدِّهِ الرَّهَفُ
وليس ينسى لكم تاريخُ نصرَتِهِ
يومًا بأمِّ القرى فوقَ الذي نصفُ
يومٌ لأبرهةَ الأعرابِ كادَ بهِ
تاريخُ أبرهةَ الأحباشِ ينكسفُ&&
يومٌ بهِ وقفَ التاريخُ منحنيًا
أمامَ خالدَ والأقلامُ والصحُفُ
في قلِّةٍ من ملوكِ العالمينَ لهم
مكشوفةً هامةُ التاريخِ تنعطفُ
فقد حـمى بأبيكَ اللهُ كعبتَهُ
من شرِّ أشرمَ فيهِ الشرُّ مكتنفُ
لم يدرِ أنَّ إمامَ الطيبينَ لهُ
وجهٌ إذا مُسَّ دينُ اللهِ مختلفُ
وأنَّ من قدَّرَ الأحداثَ علَّمَهُ
وجهٌ إذا مُسَّ دينُ اللهِ مختلفُ
بهِ جلى اللهُ عن أمِّ القرى فتنًا
جرَّارةَ الذيلِ في طغيانِها سرفُ
قد أيقنَ الناسُ فيها أنَّها انكشفت
ساقُ القيامةِ، أو في مثلِها قُذِفوا
وإنَّ أكرمَ وجهٍ عندَ خالقِهِ
وجهٌ بهِ كُرَبُ الإسلامِ تَنصرفُ
وجهٌ بهِ تشرقُ التقوى فتملؤُهُ
لآلئًا صانها الرحمنُ لا الصدفُ
كوجهِ فيصلَ ما قبَّلتُ غرَّتَه
إلا تيقَّنتُ أنَّ الشهرَ منتصفُ
1431هـ، أبها
& الخطاب لراعي الحفل الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز
&& إشارة إلى أحداث الحرم المكي الشهيرة، إذ قامت جماعة متطرفة يتزعمها (جهيمان) باحتلال الحرم واحتجاز من فيه، غرة عام 1400هـ، في عهد الملك خالد بن عبد العزيز، رحمه الله