جيزان

لَوِّح بيمناكَ قد لاحت مغانيها

وحَيِّهَا بتحياتٍ تواليها

وانشر عليها (سلامَ اللهِ) متَّشحًا

بالحُبِّ يغمرُ قاصيها ودانيها

حي البلادَ التي حيَّتكَ ضاحكةً

والحُبُّ يشرقُ من أقصى خوافيها

سَلِّم كتسليمِ يعقوبٍ وقد حملت

قميصَ يوسفَ آمالٌ يناجيها

فضمَّه وجثا يبكى وقَبَّلهُ

يشتمُّ من نفحاتِ الثوبِ زاكيها

بالأمسِ أعمى وهذا اليومَ مبصرةٌ

عيناه وامتلأت نورًا مآقيها

سلِّم سلامَ رسولِ اللهِ إذ شرُفت

به المدينةُ في أغلى لياليها

سارت بهِ الناقةُ القصواءُ حاملةً

نورًا به طيبةٌ أقصت مآسيها

فقام سُـمَّارُها يحيون فرحتَها

فالبدرُ أشرقَ وانزاحت دياجيها

سلِّم سلامَ محبٍّ هائمٍ ولهٍ

أنأتهُ دنياهُ عن أرضٍ لهُ فيها:

(خلٌّ) بهِ حرقةٌ من بُعدِ صاحبِهِ

كلاهما في صباباتٍ يعانيها

حتى إذا القَدَرُ الأعلى صَفَا لهُما

تعانقا ساعةً طابت ثوانيها

(جيزانُ) هذا سلامي ضاحكٌ بفمي

والحبُّ يملأ من نفسي نواحيها

رأيتُها ورِياضُ الفلِّ ضاحكةٌ

بها فناديت: ما أبها وواديها !

كم زورةٍ لكَ في جيزانَ زاهيةٌ

تبقى بقلبكَ ذكراها فتاتيها

أزورها وبياضُ الصبحِ يشهدُ لي:

أنِّي أحبُّ مسيرًا في روابيها

وأنثني وسوادُ الليلِ يهمسُ لي:

كفكف دموعَ فراقٍ أنت باكيها

أأذكرُ البحرَ والأمواجُ لاهثةٌ

يُلقِي بها البحرُ في أحضان شاطيها

أم أذكرُ البَرَّ والأفلاجُ نافثةٌ

بالسِّحرِ في مقلتي صَبٍّ يحاكيها

دع كلَّ هذا، هنا أرضُ الرجالِ إذا

تفاخرَ النَّاسُ، هذا الفخرُ يكفيها

أرضٌ إذا عقمت كلُّ البلاد أتت

كمريمٍ بابنها والله راعيها

كم أخصبت برجالٍ نورُ سيرتِهم

زاهٍ وبالشِّعر كم درَّت قوافيها

أنا الفخورُ بها، أشدو بملئ فمي

جيزانُ أرضي وأهلي هم أهاليها

1421هـ، أبها