ميعاد مع القمر
ألقيت أمام الأمير خالد الفيصل، في مسرح المفتاحة، في حفل تكريم المشاركين في احتفالات منطقة عسير بزيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، في أبها والنماص وبيشة، الزيارة المباركة التي أعلن فيها عن عدد من المشروعات التنموية، كان أهمها إنشاء جامعة الملك خالد، وافتتاح سد الملك فهد في محافظة بيشة
صفا الزمانُ وطابت ليلةُ السمَرِ
فاكتب بنورِ الضُّحى في رِقعةِ السَّـحَرِ
وإن أردتَّ بيوتَ الشِّعرِ عابقةً
فارشف دموعَ النَّدى من أعينِ الزَّهَرِ
فـي أعينِ الزِّهرِ سـحرٌ لستُ آلفُهُ
في أعينِ الغيدِ من بيضٍ ومن سُمُرِ
عشقتُ أبها فألهتني مباهجُها
عن المحاجرِ والأحداقِ والحوَرِ
(أبها) قصيدةُ حبٍّ أنت كاتِبُها
قد لـحَّنتها لنا الدنيا عـلى الوتَرِ
يـمَّمتُ وجهَ القوافي نحوَ سيِّدِها
من النَّماصِ فماتت شِقوةُ السَّفَرِ
إلى رحابكَ أحدوها وقد هتفت:
لم يـتركِ الشوقُ لي قلبًا ولم يذَرِ
يا سيِّدَ الشِّعرِ شعري بسمةٌ خُلقَت
فـي ثغرِ حبِّك لم تجزع من الغِـيَرِ
وهذهِ قُبلةٌ أهديكَ لذَّتها
والحبُّ ثالثُنا في ليلةِ السَّمرِ
وإنَّـني حينَ أهدي الشعرَ سيِّدَهُ
كحاملِ الحشفِ البالي إلى هجَرِ
ألستَ أنتَ الذي أضـحت قلائدُهُ
كالشمس في الكون، كالأنسامِ في السَّحَرِ؟!
فيها من الملكِ طعمٌ لا شبيهَ لهُ
دانت لهُ باحترامٍ دولةُ الفِكَرِ
وللأصالةِ فيها نغمةٌ رقصت
لها الحداثةُ في بيتٍ من الشَّعَرِ
للهِ أنتَ جعلت القصرَ متكئًا
في بردةٍ نُسـجت من أطهرِ الوبَرِ
فيه الخزامى مع الكادي قد اجتمعا
وللرمالِ أحاديثٌ مع المدَرِ
يا دائمَ السيفِ لا شكري بمحتملٍ
بيضَ الأيادي ولا شعري بمقتِدرِ
كسوتنا حُلَّةً بالفخرِ قد صُبغت
لما احتفينا بضيفِ العِزِّ والفخَرِ
زارَ المدائنَ عبدُالله فارتسمت
لهُ محبتُنا في أروعِ الصُّوَرِ
أيامُنا في ليالِينا لهُ امتزجَت
في جبهةِ الزَّمنِ الوضَّاحِ كالغُرَرِ
تاهت عـلى الأرضِ (أبها) عندما سطَعت
أنوارُه في نواحي روضِها النَّضِرِ
واستنفرت كلَّ شيءٍ كي يشاركَها
أفراحَها في ليالي السَّعدِ والظَّفَرِ
والليلُ في حُلَّةِ الشمسِ انتشى طربًا
والنومُ يرفلُ في ثوبٍ من السَّهَرِ
لـمَّا توهَّج فيها نورُ فرحتِها
بكت سـحابتُها منَ شِدَّةِ الجَهَرِ
استيقظت، فركت عيـني غمامتها،
رأته، سالت بهتَّانٍ من المطَرِ
للهِ يومُ احتفاءٍ قد أقيمَ لهُ
وفي (البحارِ) بحارٌ من بـني البَشَرِ
و(مرحبًا ألفَ ) قد شقَّ السماءَ بها
موجُ القبائلِ في بوَّابَةِ العُمُرِ
منها أتانا بإهداءاتِ قائدِنا
(فهدِ) العروبةِ بحرِ الخـيرِ واليَسَرِ
(فهدٌ) تعلَّقَت الدُّنيا براحتِهِ
فعمَّها الخـيرُ معصومًا منَ الكدَرِ
وفي الجنوبِ له أيدٍ مطهرةٌ
تحثو بدُرٍّ عـلى الأرجاءِ منتـثِرِ
وبينَ ذا الدُّرِّ في كفَّيه جوهرةٌ
كانت هـيَ الأنفسَ الأغـلى من الدُّرَرِ
زُفَّت لنا في رحابِ العلمِ جامعةٌ
أصداؤُها بينَ هامِ السُّـحبِ والعَفَرِ
تَلاَ الزمانُ على أسماعِ عالـمِنا
معـنى الأخوَّةِ والإيثارِ كالسُّوَرِ
إذ آثرَ الشَّهمُ عبدُ الله في أَلَقٍ
أخاهُ خالدَ& فاسمع أنبلَ السِّيَرِ
تأَلقٌ في حـمى الأخلاقِ كانَ لهُ
في كلِّ قلبٍ كريمٍ أبلغُ الأثَرِ
إن يدركِ الموتُ أجسادًا فقد عجزَت
يداهُ عن دفنِ زاكي الذِّكرِ في الحُفَرِ
وفي النماص نما صوتُ السرورِ بِهِ
وأثمرَ الحبُّ في جناتِها الُخضُرِ
وقفتُ موقفَ عزٍّ فوقَ منبرِها
وللقصيدةِ ميعادٌ مع القمَرِ
ضمَّنتُ بيتَكَ&& في أبياتِها ملكًا
كانت لهُ سائرُ الأبياتِ كالخَفَرِ
وقد تبسمتما فاختلتُ وافتخرَت
حـتى رأيتُ بريقَ الفخرِ في السَّطَرِ
زُفَّت لهُ من رجالِ الحجرِ أفئدةٌ
يسعى بها الحبُّ بين السمعِ والبصَرِ
لو أنَّ حبَّهم في الأرضِ مندفعٌ
تفجرَ الحبُّ ينبوعًا منَ الحَجَرِ
قضى بها ساعةً كانت دقائقُها
تسيلُ في سنواتِ العمرِ كالنَّهَرِ
كأنَّما الأرضُ في لقياهُ قد سُقِيت
من سَدِّ بيشةَ من رقراقِهِ النَّمِرِ
كادت تميلُ رقابُ الباسقاتِ لهُ
تدني إليهِ عذوقَ التَّمرِ في حذَرِ
تحيا النفوسُ عـلى ذكرى زيارتِهِ
كما عـلى الماءِ يحلو يانعُ الثَّمَرِ
زيارةٌ ضمَّت الآمالَ في يدِها
حـتى اطمأنت عليها في يِدِ القَدَرِ
عجَزت عن وصفِها فاسأل تجد خـبرًا
عند الشوامخِ والآكامِ والشَّـجَرِ
أو دَع فؤادَك يرتع في نعائمِها
ترى بقلبِك ما يخفى عنِ النَّظَرِ
1419هـ، أبها
& نص الأمر السامي على أن يكون اسم الجامعة (جامعة الأمير عبد الله بأبها) فأعلن الملك عبد الله رحمه الله في لحظة إعلان ذلك عن تعديل اسمها ليكون (جامعة الملك خالد)
&& إشارة إلى التضمين في آخر القصيدة السابقة (ساعة)