ساعة
ألقيت أمام الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، يوم كان وليًّا للعهد، في حفل استقباله في محافظة النماص، في ميدان الاحتفالات الرسمية أمام مبنى المحافظة، وقد رشحني لإلقاء قصيدة هذا الاحتفال الكبير سعادةُ الأستاذ أحمد بن حسين الشريف، وقد قضى الضيف الكبير وصحبه الكريم في محافظة النماص ساعة واحدة وهو في طريقه بَرًّا لافتتاح سدِّ الملك فهد في محافظة بيشة
العزُّ يرفلُ فخرًا في روابيها
والمجدُّ من فرحةٍ يكسو أعاليها
والأفقُ ينظرُ فينا من جوانبِه
والشمسُ قد حدَّقت فينا مآقيها
والسـحبُ قامَ عـلى ميدانِ محفلِنا
يهـنئُ الأرضَ بالعزِّ الذي فيها
أرضُ الجنوبِ تناست كلَّ مفخرةٍ
ففخرُها اليومَ فوقَ السُّـحبِ يُعليها
جرَّت من الفخرِ أذيالًا منمَّقةً
وكيف لا؟! وسليلُ العزِّ آتيها
من أسرةٍ ألَّفَ اللهُ الشتاتَ بها
وجمَّع الشملَ عِزًّا في أياديها
أرضُ الجزيرةِ قد هزَّ الحسامَ لها
عبدُ العزيزِ لهُ اهـتزَّت رواسيها
شكَت زمانًا من الحـمَّى فبادرَها
فكانَ باذن إلهِ الكونِ شافيها
وأقبلَ الخـيرُ يسعى من أناملِهِ
وأدبرَ الشرُّ خوفًا من مواضيها
قد قيلَ فيما مضى والقولُ ذو سعةٍ:
يا باريَ القوسِ أعطِ القوسَ باريها
أرضُ الرسالةِ صانَ اللهُ رفعتَها
بكم وأصبحَ (فهدُ) الدينِ راعيها
ماذا أقولُ فدنيانا مدويةٌ
بذكرِهِ بينَ قاصيها ودانيها؟!
فإنَّ للمجدِ في أرضِ الهدى لغةً
(الفهدُ) فـي أُذُنِ التاريخِ يرويها
ماذا عسى الشعرُ أن يُحصي وقد غلبت
أقلامَ كاتبِها أقوالُ ممليها؟!
سل عنهُ مكةَ إذ طافَ الحجيجُ بها
سلِ المشاعرَ إذ لـبَّى مُلبِّيها
سلِ المدينةَ، سل قـبرَ الرسولِ بها
سلِ القداسةَ تسعى في أراضيها
سلِ المصاحفَ إذا سارَت قوافلُها
فـي الأرضِ حـتى استقرَّت في أقاصيها
إني لأسألُ نفسي: أيُّ معجزةٍ
بالفهدِ قد أبدعَ المولى معانيها؟!
والفهدُ شدَّ بكم أزرًا لدولتِهِ
فحقَّقَ اللهُ للعليا أمانيها
أعزكَ اللهُ كم عزٍّ حبوتَ بهِ
أرضَ الجنوبِ وأمجادٍ لأهليها
فالحسنُ ينطقُ عنها وهـي صامتةٌ
وللنسائمِ ألحانٌ تغنيها
وثغرُها باسمٌ والخدُّ منبسطٌ
وعزُّها أنَّ عبدَاللهِ واطيها
فأثمرت لكَ ودًّا من أزاهرِها
وأمطرت لكَ حُبًّا من غواديها
قلوبُنا لكَ، بل أرواحُنا نُزُلٌ
أصداءُ حبِّك دوَّت في نواحيها
أنتَ الذي علَّمَ العلياءَ رفعتَها
ونوَّهت باسمكَ الأمجادُ تنويها
لو استطاعت لأن تهوي مقبلةً
كفَّيكَ لاختنقَ التقبيلُ في فيها
كفَّانِ قد شكرَ الإحسانُ فضلَهما
وحدَّثت بهما الآمالُ راجيها
إليهما قد تناهى عجزُ ذي كـبرٍ
ودمعةُ الحزنِ من أحداقِ باكيها
فكنتَ كالغيثِ يسعى والحياةُ بهِ
فوجَّهت نحوك الدُّنيا نواصيها
مشاعرٌ في جِنانِ القلبِ مَغرَسُها
باسمي وباسم رجالِ الحجرِ أُهديها
هنا ألوفٌ لهذا الحفلِ شاهدةٌ
وفي المنازلِ آلافٌ تواليها
أرواحُنا في أيادينا نقدِّمُها
لكم إذا ما دعا للحربِ داعيها
من أجلِكم نستلذُّ الموتَ، نشربُه
شَهدًا إذا ما المنايا دارَ ساقيها
قلوبُنا في محاريبِ الرِّضا سـجدت
وبالولا ردَّد الآياتِ تاليها
فـي ساعةٍ لو حسبنا العمرَ أجمعَه
لكانَ أقصرَ من إحدى ثوانيها
أرى الثواني لها فخرٌ تتيهُ بهِ
لأنَّنا بينَ أيديكم نقضِّيها
يا سيدي إن تفارقنا بآخرِها
فتلكَ سُنَّة دنيانا نماشيها
وقد أتى شاعرُ الدنيا وآسرُها
بحكمةٍ أسطرُ الإبداعِ ترويها
عذرًا أبا بندرٍ& قد قلتَ رائعةً
ضمَّنت شعري بيتًا من قوافيها
من بادي الوقت هذا طبع الايامِ
عذبات الايام ما تمدي لياليها
1419هـ، النماص
& (أبا بندر) الأمير خالد الفيصل، أمير منطقة عسير آنذاك، والبيت المضمَّن لسموه.