يا عاسف الشمس

ألقيت في حفل افتتاح ملتقى (بلاد الحَجْر في التاريخ والآثار) الذي أقامته الجمعية التاريخية السعودية (فرع عسير) ضمن فعاليات مشروعها (تاريخ الوطن ووطن التاريخ) احتفاء باليوم الوطني السعودي الـ 89 برعاية كريمة من صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن طلال بن عبد العزيز آل سعود أمير منطقة عسير في محافظة النماص، يومي 3 و 4 صفر 1441ه

يا عاسفَ الشمسِ أنَّى يُفلِتُ الظَّــفَــرُ؟

وصَهوةُ الشَّمسِ لا تُبقِي ولا تَذَرُ

أسرَجتَ إشراقَها حتى امتطيتَ بهِ

عُمرًا من النورِ يَفنَى دونَه النَّظَرُ

فإن دنا الليلُ وانداحَ الـمساءُ بهِ

وطابَ للنَّاسِ في قَمرَائِهِ السَّمَرُ

ثَنَت يداكَ عِنانَ الشَّمسِ عائدةً

للشَّرقِ، أو نابَ عنها مُهرُها القَمَرُ

إمَّا بِغُـــرَّةِ شمسٍ أو سنا قَمَرٍ

ترقى مَعارجَ عِـــــــزٍّ كلُّها خَطَرُ

لا زِلتَ في سَفَرِ الأمجادِ مُـمتَطِيًا

ظَهرَ الضِّياءِ، ويُذكي جِدَّكَ القَدَرُ

بهمةٍ عادَتِ الوَعْثاءُ صاغرةً

عن مَسِّهَا، فاشتكى من عزمِكَ السَّفَرُ

تَرُوحُ من سَفَرٍ مُضنًى إلى سَفَرٍ

أضنى، وما لك إلا الـمُنتَهى وَطَرُ

نذرتَ روحَك يا تركيُّ ملحَمَةً

للمجدِ، يَصدعُ في الدنيا بها الخَـــــبَرُ

فليَهنأِ الوطنُ السامي بـِمُمتَشَقٍ

مِن دونِ (خُلدِ) العُلا في حدِّهِ (سَقَرُ)

(سيفٌ) بيُمنى إمامِ الحزمِ مُنصَلِتًا

نِعمَ اليمينُ! ونعمَ الـصَّارمُ الذَّكـَــرُ!

(سيفٌ) إذا أومتِ اليُــــمنى لحـاجــتِـــــها

أتى بـهـا قـبـلَـــما أن يَـــلــمَــــحَ الــــبَـــصَــــــــــــــــرُ

كأنَّهُ نَشوةُ الحَجْريِّ إن بَكَرا

في يومِهِ الصَّيِّبانِ: الضَّيفُ والـمَطَرُ

فالضَّيفُ كالغيثِ تزدادُ السماءُ بهِ

قُربًا، ويدنو بهِ في الفَيَّةِ الثَّمَرُ

هذا جنى المجدِ في يمناي آكلُه

وأشربُ الفخرَ صفوًا ما بهِ كدرُ

لـمَّا حللتُم بأرضِ الحَجْرِ فالتحفَت

ثوبَ السماءِ الذي تجري بهِ الدُّرَرُ

وقامَ قومي وكلٌّ فوقَ حاجبِهِ

شمسٌ، وفي شفتيهِ: البدرُ والوَتَرُ

يشدو بمعزوفةِ الجُودِ التي بُعثَت

من هاهنا فاقتفَتها الجِنُّ والبَشَرُ

بـ(مرحبًا ألف) يكسوها ابتسامتَه

مُجوَّدٌ لبزوغِ الضَّيفِ ينتظرُ

في قلبِهِ لقِرى الضيفانِ مُتَّكأٌ

مِن جودِ أجدادِه في نسجِهِ صُوَرُ

وصحفةٌ لم تزل تُتلى بساحتِها

مِن مُحكماتِ النَّدى الآياتُ والسُّوَرُ

في جوفِها لنجيبِ البُـــــــرِّ معتكَفٌ

بهِ زها والداهُ: الماءُ والـمَدَرُ

يُسقَى بنهرينِ مِن سمنٍ ومِن عسلٍ

دلاؤهنَّ على الأيمانِ تنهمرُ

كأنَّما السَّمنُ يُجلى من ندى يدهِ

والشَّهدُ من فمِهِ للضيفِ يُعتَصرُ

فكيفَ والوطنُ الكُبَّارُ ضيفُ أبي:

(حَجْرٌ) وأنضاؤُهُ في القَبرِ تَفتَخرُ

يا مرحبًا يا ضيوفَ الحَجْرِ ما نبتا

في أرضِهِ الساجدانِ: النَّجمُ والشَّجَرُ

يا مرحبًا يا ضيوفَ الحَجْرِ ما ارتفعَت

في الحِجْرِ أيدٍ وما قد قُبِّلَ الحَجَرُ

ترحيبةً تملأُ الدنيا مُباركَةً

من كلِّ شيءٍ هنا كالنَّبعِ تنفجرُ

مِزاجُها الحبُّ في قلبٍ سريرته

من الزجاجِ، ولكن ليس ينكسرُ

به أطوفُ على الضِّيفانِ معتذرًا

أبي قضى عمرَه يُعطي ويَعتذرُ

1441هـ، أبها