الشيخ محمد البشري

ألقيت أمام الأمير منصور بن مقرن بن عبد العزيز، نائب أمير منطقة عسير آنذاك، رحمه الله، الذي حضر نيابة عن أمير منطقة عسير الأمير فيصل بن خالد بن عبد العزيز، حفل تكريم العابد الزاهد الشيخ محمد بن محمد البشري، الذي أنفق عمره في الدعوة إلى الله، وخدمة جمعية تحفيظ القرآن الكريم في عسير، وكان من المحسنين الأسخياء، رحمه الله وغفر له

ما دامَ في الأرضِ ساداتٌ أجِلَّاءُ

فالبوحُ أغدقُ والأشعارُ خضراءُ

بِهم بِهـم تَشتفي الأشعارُ مِن زَمنٍ

لم يبقَ فيهِ لغِيدِ الشِّعرِ أَكفاءُ

سوى سوى ثُلَّةٍ لولا مآثرُهم

ماتَت عِذابُ القوافي وهي خرساءُ

فهُم فهُم للقوافي الطَّامحاتِ إلى

سِدرِ السَّماواتِ مِعراجٌ وإسراءُ

أمجادُهم في عُروقِ الشِّعرِ أوردةٌ

تُتلى، وفي طُرُقاتِ البَوحِ أضواءُ

وإن همى الشِّعرُ في آذانِهم حملَت

أرواحَهم نَشوةٌ كالرِّيحِ غرَّاءُ

جِبِلَّةُ العَرَبِ الأُولى بأنفُسِهم

ما مسَّها مِن قَتامِ الوقتِ ضرَّاءُ

فالشِّعرُ فيهم وهم فيه، وقد ركبا

مواكبَ المجدِ: إلهامٌ وإذكاءُ

قصيدةٌ لم يُثِرها المجدُ خاملةٌ

وسيرةٌ لم يُنِرها الشِّعرُ بتراءُ

ما أقبحَ الشعرَ: مأسورًا بِصبوتِهِ

مُراهقًا همُّه كأسٌ وحسناءُ!

ما ذاقَ أن يصحبَ الأمجادَ في سفرٍ

مضنٍ رواحلُه عزمٌ وعلياءُ

ولم يُشَعِّل بطولاتِ الرجالِ هُدًى

تُجلى بهِ عن خُطا الأجيالِ ظلماءُ

مِن حولِهِ عادياتُ المجدِ مُوريةٌ

قدحًا وما صهلَت في فيهِ عصماءُ

حاشا قوافيَّ أن تكبو أصائلُها

والليلُ أسعدُ والأسماءُ أسماءُ

ففيصلُ العزِّ تزهو في مواكبِهِ

عسيرُ والسادةُ الصِّيدُ الألبَّاءُ

جاءوا يزفُّون قَرنًا مِن مَفاخرِهم

ومَن يُسامِقُهم فخرًا إذا جاءوا؟!

جاءوا بقرنٍ مِن القُرآنِ غُرَّتُهُ

في جُبَّةِ العابدِ البِشريِّ زَهراءُ

شَيخٌ تسيرُ على أعقابِهِ مِئةٌ

مِن السِّنينَ، لها التاريخُ جَثَّاءُ

فيها وهمهمةُ الحَلقاتِ شاهدةٌ:

ملءُ الـمَساجدِ حُفَّاظٌ وقُرَّاءُ

فيها، وأدعيةُ الحُصَّادِ صاعدةٌ:

ملءُ الـطموحاتِ إيثارٌ وإيتاءُ

فيها، وملحمةُ الإعجازِ خالدةٌ:

ملءُ البطولاتِ إصرارٌ وإيفاءُ

وكلُّ شَعْرةِ شَيبٍ تحتَ بارقِها

سَحابةٌ في مروجِ الخيرِ سحَّاءُ

وقل لـمَن يدَّعي بالشيخِ معرفةً:

“عرفتَ شيئًا وغابَت عنكَ أشياءُ”

فالشمسُ لا تُنعِمُ الأبصارُ رؤيتَها

وإنما هو إيحاءٌ وإيماءُ

إليكَ يا خادمَ الوَحيينِ جئتُ وفي

جنبيَّ للشِّعرِ “حسَّانٌ” و”خنساءُ”

أهديكَ عذبَ القوافي مِن وَريثِهما

لن يُقفِرَ الشِّعرُ حتى يظمأَ الماءُ!

1439هـ أبها