صلاة النور

بمناسبة الموسم التاسع لسوق عكاظ 1436ه/2015م

هذا “عُكاظُ” على الأبوابِ قد نَزَلا

والشِّعرُ عنِّي وعن “ليلى” قد اعتَزَلا

كيفَ السَّبيلُ! وهذا ظِلُّ “قُــبَّـــتِــهِ”

قد عادَ يَكنِــــزُ في أَطنابِــهِ “الأَزَلا”

وتَحتَهُ مِن ملوكِ الشِّعرِ “نابِغةٌ”

لا يُطعِمُ “الشِّعرَ” إلا السِّحرَ والعَسَلا

والنَّاسُ مِن حَولِهِ مَدَّت مَسامِعَها

تَـهدِي “الجَمالَ” إلى أَرواحِها سُبُلا

وأَلفُ “أَعشى” يُغَــنِّي فَوقَ ناقَــتِــهِ:

“وَدِّع هُرَيرةَ سَارَ الرَّكبُ مُرتَـحِلا”

وأَلفُ “خَنساءَ” تَستَجدي مَدامِعَها:

“عَينَـيَّ جُودا” فَأبكَت تَحــتَها الـجَمَلا

ماذا أُزَوِّرُ يا “ليلى” لِقافِــيَــتي؟

أَتَطمَعِينَ لها: أن أَغزِلَ الغَـــزَلا!

عذرًا لِــ”نَهدَيكِ” إنَّ “الشِّعرَ” قد فُطِمَت

مِنَ الرَّضاعِ مَلاهي نَفسِــهِ فَسَلا!

إنِّي ورَبِّكِ يا “ليلى” وإن مَلَكَت

عُيُونُكِ “الـحَـــوَرَ” القَتَّالَ و”الكَحَلا”

لَأَستَحي أَن يَراني اللهُ عَن “وَطَني”

بِـــزُخرُفِ اللَّهوِ واللَّذاتِ مُنشَغِلا

مِن “الرِّباطِ” إلى “الأَهوازِ” لي “وَطَنٌ”

يَشكو وَحيدًا “ذَهابَ الرِّيحِ” و”الفَشَلا”

قِفي، قـفي نَبكِ يا “ليلى” فَسَلوَتُنا

بَعدَ “امرِئِ القَيسِ” أن نَبكِي كما فَعَلا

لكنْ بِرَبِّكِ قُولي لي إذا ابتَكرَت

أَحزانُنا في “عُكاظٍ” تُخصِبُ الـمُقَلا

وقُمتُ أَبكي وأَستَبكي العُيونَ معي:

أَبكي “العُروبةَ” يا “ليلى” أَم “الطَّلَلا” ؟!

صَبرًا لِعَينَيَّ مِن طُولِ اصطِحابِهما

جَـمـرًا تَلَظَّى على خَدَّيَّ مُــتَّصِلا

أَبكي “العِراقَ” التي يغشى “الفُراتَ” بها

خِزيُ “الفِرارِ” وتُكسَى “دِجلةُ” الدَّجَلا!

بِالأمسِ فَوقَهُما للشَّمسِ سانِيةٌ

مِن صَفوِ عِـــزِّهِما تُهدِي السَّحابَ عُلا

عُلًا لـِ”هارونَ” في أَيِّ البِلادِ هَمى

جَنَى بهِ “الـمَجدَ” ليسَ “الثُّـــومَ” و”البَّــصَلا”

“عِراقُ” أينَ “العِراقُ الحَقُّ”؟ لَستُ أرى

ولَستُ أَسمَعُ إلا “الزُّورَ” و”الخَطَلا”

فِيكِ “الفَتى العَرَبيُّ” الحُـــــــرُّ مُغتَرِبٌ

كأنَّما “شِعبُ بَوَّانٍ” بِكِ انتَعَلا

وما لِـ”قَيسٍ” ولا “ليلى” وحُبِّهِما

حَظٌّ مِن “الكَرخِ” إلا الهَجرَ والـمَلَلا

لا تَذكُري “الجِسرَ” يا “ليلى” فقد لَبِسَت

بهِ “عُيونُ المها” العُـــوَّارَ والحَــوَلا

قُومِي لِنَبكِ “احتِراقَ الماءِ” في “بَرَدَى”

إنَّ “النَّواعِيرَ” تَسقِي “جِلَّقَ” الوَجَلا

“دمشقُ”: يا أَقدَمَ الأَرحامِ، يا هِبَةً

في بَطنِها خُلقَ التَّاريخُ مُكتَمِلا

يومًا ألم تُقسِمي بِاللهِ راضِيةً

أنَّ “العُروبةَ” لن تَرضَي بها بَدَلا!

ما لي أَرى “المتنبي” فيكِ ذابِلةً

سِمانُهُ، و”الـمَعرِّي” فيكِ مُبتَــذَلا

وقد غَصَبتِ “عَصِيَّ الدَّمعِ” في “حَلَبٍ”

دُمُوعَه اللائي كانت للإبا مَــثَلا

و”رِحلةُ الصَّيفِ” عافَتها “قُــــرَيشُ” فلم

تَألَف بِكِ اليومَ لا قَولًا ولا عَمَلا

و”القُدسُ” نادَتكِ بِـــ”الـفُصحى” مَآذِنُها

وأَنتِ لم تُعرِبي الأَلفاظَ والجُــمَلا

سَدَدتِ أُذنَيكِ و”العِبرِيُّ” في فَمِها

يُـــــــزَوِّرُ “الحرفَ” و”التَّاريخَ” و”القُـــبَلا”

فَقامَ “زَيتُونُها” يُخفِي “عُروبتَه”

في جَـيـــبِـــهِ، ويُنادي السَّهلَ والجَــــبَلا

“سَجِّل أَنا عَرَبيٌّ” قد خُلِقتُ هُنا

“قَبلَ الزَّمانِ” معَ “الـمِحراثِ” مُبتَهِلا

“سَجِّل” وإن كانَ مِصباحُ “العُــــرُوبةِ” مِن

سَبعِينَ لَيلًا و”زَيتي” مِنهُ ما اكتَحَلا

“سَجِّل” فقد يَجحَدُ التَّارِيخُ “مَـحرَقتي”

فَيَشهَدُ “النَّقشُ” أنِّي مُتُّ مُشتَــــعِلا

كما تَموتُ نُجُومُ “اللَّيلِ” ساطِعةً

لم تُغمِضِ الجَفنَ لكنْ خَصمُها “ابنُ جَلا”

يا “قُدسُ” يا “جَدَّةَ الطَّعناتِ” في جَسَدِي

“بَنوكِ” في كُلِّ عُضوٍ أَنجَبوا “عِلَلا”

وهذهِ “ابنتُكِ الصُّغرى” بِـخاصِرَتي

قد أَنجَـــــبَت “أَحدَثَ الآلامِ” مُكتَهِلا

“صَنعاءُ” يا رَبَــضَ الأَنسابِ كَيفَ غَدَت

صُخُورُهُ لـ”دَعِيِّ” فِيكِ مُدَّخَلا

“صَنعاءُ” “صَنعاءُ” يا سَدَّ “العُروبةِ” في

أَسوَارِكِ “الفَّأرُ” دَسَّ “الوَهنَ” و”الخَلَلا”

لا تَحقِري “الفَّأرَ” يا “صَنعاءُ” قد شَقِيَت

بِـــ”جَــدِّهِ” “مَأرِبُ الأَجدادِ” حِينَ خَلا

بِالأمسِ وافى “البَرَدُّونيُّ” يَحمِلُهُ

نِسرٌ، وحَدَّثَ عَنكِ الأَرضَ مُرتَجِلا

فَلم يُصَدِّق “أبو تَـمَّامِ” كِذبـــتَـهُ

عَن عَاشِقَيكِ، وَوَلَّى “عَابِسًا” و”قَلَى”

وقالَ: “أَعمى” عَلى أَجفَانِهِ نَسَجَت

“عَناكِبُ الوَهمِ”: “سُوءَ الظَّــنِّ” و”الزَّللا”

واليومَ وافى “أبو تـَمَّامِ” مُعتَذِرًا

يَكادُ يَعثُـــــرُ في أَهدابِهِ خَجَلا

وَقالَ: واللهِ يا “صَنعاءُ” ما كَذَبَ “الــ

أَعمى” ولا قَالَ إلا بَعضَ ما عَقَلا

إنِّي لَأُبصِرُ “أَطلالَ العُروبةِ” لم

تَــــعُــد “بِقاعًا” ولكنْ أَصبَحَت “دُوَلا”

يا “أُمَّـــةَ الشَّــــرَفِ الـمَسلُوبِ” ما انتَبذَت

“أُنثى” إلى “النَّخلِ” إلا أَنـجَــبَت “بَطَلا”

قُومِي مِن “الذُّلِّ” قد طَالَت “جَنَابَــتُــهُ”

وأَسدِلي “الصَّمتَ” سِترًا، واخلَعِي “الكَسَلا”

واستَقبِلي “العَارِضَ النَّجدِيَّ” واغتَسِلِي

فإنَّ في دِيـمَتَيهِ “الـحَزمَ” و”الأَمَــلا”

وأذِّني لـِ”صَلَاةِ النُّورِ” ها هو ذا

مِن “الرِّياضِ” أَتَاكِ “الفَجرُ” مُغتَسِلا

1436هـ أبها