الزمن النظيف

ألقيت أمام الأمير فيصل بن خالد، أمير منطقة عسير، في قاعة الاحتفالات بفندق قصر أبها، في حفل افتتاح ملتقى (العنف الأسري: الواقع والمأمول) الذي أقامته هيئة حقوق الإنسان في أبها

بحُبِّكَ أطعِمُ الحسَّ الرَّهيفا

وباسمِكَ أكرمُ الأدبَ العفيفا

ومنكَ أُزخرفُ الأيَّامَ عشقًا

وساقيةً وأغنيةً وريفا

ونَحوَكَ أبتـني صرحًا لأعلُو

وفيكَ أُعانقُ الشَّرفَ الـمُنيفا

نَعَم، لولاكَ ما انفجرَت لساني

بيانًا سائغًا وجـنًى قطيفا

فحسبُ قصائدِي من كُلِّ مجدٍ

سماعُكَ عزفَها سحرًا شفيفا

وحسبيَ أنَّـني في كلِّ حفلٍ

أطالعُ ذلكَ الوجهَ الشَّريفا

فلولا الشَّمسُ كاشفةُ الدَّياجي

لـماتَ البدرُ محتجبًا كسيفا

ولولا الشَّامخاتُ سمت بأبها

لـما كانَ السَّحابُ لها رديفا

ولولا أنَّك الشَّرفُ الـمُصفَّى

لـما اجتمعَ الكرامُ هُنا لفيفا

فما زالت ذُراكَ ملاذَ عزٍّ

لـمَن رامَ العُلا، كنفًا كنيفا

كما لُذنا ولاذَ مساءُ أبها

بدينٍ شيَّدَ الفِكرَ الحنيفا

نعوذُ بهديهِ من شرِّ عصرٍ

غدَت نعماؤُهُ شبحًا مخيفا

بهِ اجتاحت شعوبَ العُربِ بلوًى

عليهم أطبقت ليلًا كفيفا

زمانٌ حارتِ الألبابُ فيهِ

وشتَّتَ ليلُهُ العقلَ الحصيفا

يُسَمُّونَ (الضَّلالَ) بهِ (ربيعًا)

ويدعُونَ (الهُدى) فيهِ (خريفا)

وتلتحفُ (الأنوثةُ) وجهَ ذئبٍ

وما زالَ اسمُها (الجنسَ اللَّطيفا)

وتعتمرُ (الذكورةُ) قلبَ وحشٍ

يُسَمِّي نفسهُ (القطَّ الأليفا)

وتعصفُ بـ (الأمومةِ) ريحُ خُلفٍ

تُحيلُ رياضَها ألـمًا قصيفا

ويجتاحُ (الأبوَّةَ) موجُ عُنفٍ

يُقلِّبُ نحوَها أسفًا كثيفا

فيا زمنَ العجائبِ: لستُ أدري

ضمادًا ما تُخـبِّئُ أم نزيفا

يُحدِّثُني أبي عن ذكرياتٍ

هنا جمعَتهُ، والعيشَ الشَّظيفا

يقولُ: هنا كسونا الفقرَ رفقًا

فكانَ لنا على الدُّنيا حليفا

يقولُ: هنا سقينا الجوعَ صبرًا

فأصبحَ ليلُ قسوتِهِ طفيفا

يقولُ: هنا جنينا الصَّبرَ حُبًّا

فسَمَّنَّا بهِ الحُلُمَ النَّحيفا

يقولُ: هنا حصدنا الحُبَّ نهدًا

فأرضعنا بهِ الأمَلَ الضَّعيفا

يقولُ: هنا عصرنا النَّحسَ سعدًا

فثقَّلنا بهِ الفرحَ الخفيفا

يقولُ: هنا ابتنينا الطُّهرَ بيتًا

فأنجبنا بهِ الزَّمنَ النَّظيفا

يقولُ: هنا عزفنا الشِّعرَ عشقًا

فسطَّرنا بهِ الأدبَ الطَّريفا

يقولُ: هنا شربنا العِشقَ صفوًا

فعمَّرنا بهِ الخلقَ الظَّريفا

يقُولُ أبي: هنا عشنا بفقرٍ

ونقتَسمُ (الـمحبَّةَ) و (الرَّغيفا)

1435هـ، أبها