فردوس السلاطين

ألقيت أمام الأمير فيصل بن خالد، أمير منطقة عسير، في حفل أقامته اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم في منطقة عسير، الذي أقيم في شهر رمضان الكريم في قاعة الاحتفالات الرسمية بالغرفة التجارية الصناعية بأبها، ودعي إليه رجال الأعمال الداعمون، وجمعت في نهايته تبرعات مالية من راعي الحفل وضيوفه لصالح نشاطات اللجنة

أُضِيءُ مصابيحَ الخيالِ وأسرجُ

وأسري بها في ليلِ هـمِّي وأُدلجُ

سراجي معي، والليلُ فيَّ، وأمتطي

بجائبَ فكرٍ ما عليهنَّ هودجُ

خفافًا كلمحِ الطيَّفِ، كالسَّيفِ، كالسَّنا

لهنَّ إلى كلِّ المغاليقِ مولجُ

عليهنَّ أسري بالقناديلِ في دمي

وأنفذُ من أقطارِ نفسي وأَخرُجُ

وأبلغُ من أعماقِ روحي مواضعًا

بهنَّ مروجُ الشِّعرِ أزهى وأبهجُ

فأجمعُ عُنَّابَ القوافي وأنثـني

إليَّ فَأحيَا من جديدٍ وأُخرَجُ

فأصحو وفي ثغري شذا أُقحوانةٍ

وأنفاسُ شعري نرجسٌ وبنفسجُ

فإن شئتُ كانَ الشِّعرُ شيخًا معمَّمًا

وإن شئت أضحى غادةً تتغنَّجُ

وإن شئتُ كانَ الشِّعرُ هذا وهذهِ

فيجمعُ بينَ الحسنيينِ ويمزجُ

فتأتي القوافي روحُها روحُ سيِّدٍ

لهُ بُردةٌ من شَعرِ غيداءَ تُنسجُ

كنسجي للقيا سيدي من مشاعري

(حُوَيرِيَّةٌ) فيها الثَّناءُ المدبَّجُ

يدبِّجها تحليقُ روحي وغربتي

وشوقُ فؤادي والحنينُ المهيَّجُ

لِلُقياكَ خلًّا أو للقياكَ سيِّدًا

فأنتَ هما حُبِّيكَ لا يتدرَّجُ

فلا فرقَ عندي، أنت خِلِّي وسيدي

حبيبٌ على عرشِ الفؤادِ متوَّجُ

تتوِّجهُ في كلِّ قلبٍ خلائقٌ

محجَّلَةٌ غُرٌّ تُدِرُّ وتُنتِجُ

أراها بعيـني في مباهجِ وجهِهِ

تُشِعُّ كنورِ الحقِّ والحقُّ أبلجُ

فما لاحَ للإحسانِ فجرٌ ولم تكن

كشمسِ الضحى في قلبِهِ تتوهَّجُ

توهُّجَ هذا الحفلِ حينَ تقافزت

ثوانيهِ في ساحاتِكم تـتزلَّجُ

أتيتَ لكي ترعى السجينَ وأهلَه

وأبناءَه وهو المسيءُ المحَرَّجُ

ولا عجبٌ فيما أرى يا ابنَ خالدٍ

فأنتَ إلى كلِّ المكارمِ مُدلجُ

وأنتَ ابنُ فردوسِ السلاطينِ (خالدٌ)

نَعيمُ اليتامى الكوثرُ المتموِّجُ

وأنتَ ابنُ من سالَ الرخاءُ لوجهِهِ

علينا كماءِ المعصراتِ المثجَّجُ

وأنتَ ابنُ وجهِ الخـيرِ والنُّورِ والتقى

ومنهُ قناديلُ الهدايةِ تُسرَجُ

وأنتَ ابنُ ذي اليمـنى المباركةِ الـتي

لها الأرضُ عن خيراتِها تتفلَّجُ

فَلِم لا يكونُ الخـيرُ فيكَ غريزةً

وأنتَ ابنُه الحرُّ الأصيلُ الموشَّجُ

وعمُّك (عبدُ اللهِ) ما شئتَ من تُقىً

وعفوٍ بهِ التاريخُ ما شاءَ يلهجُ

جـنى الناسُ من طوبى حدائقِ عفوِهِ

عجائبَ عن أمثالِها الأرضُ تُخدِجُ

فيا زمنُ اكتب من هنا كلَّ سيرةٍ

بها صدرُك المحرورُ يُشفى ويُثلجُ

لنا ملكٌ يسعى شقيٌّ لقتلِهِ

فيعفو عن السَّاعي الذليلِ ويفرجُ&

ولو شاءَ لاندكَّت حصونٌ كثـيرةٌ

وسُوِّي بالقيعانِ بُرجٌ مُـبَرَّجُ

لنا ملكٌ حلَّت بنجرانَ روحُهُ

فأشرقَ سعدًا وجهُهُ المتوهِّجُ

تدفَّق بالعفوِ الذي هو، قادرًا

ونجرانُ بالشكر الذي هو، تَلهَجُ&&

لنا ملكٌ بالفضلِ طالت يمينُهُ

خليجًا بكوبا نارُه تتخلَّجُ&&&

ففكَّت أسارى قد رماهم بقعرِها

وعنهم تخلَّى الخارجيُّ المؤدلجُ

عليهم حنا القلبُ الكبـيرُ وإن هُمُ

عصوهُ وضلَّ السامريُّ المهرِّجُ

فلا عجبٌ في أن يُفتَّحَ عندَهُ

لكربِ سجينِ الدارِ بالعفوِ مخرجُ

هفا فعفوتم ثمَّ عادَ فعدتم

وذلَّ فكنتم رحمةً تتبلَّجُ

فُطرِتم على هذا ملوكًا أئمةً

وفطرةُ ربِّ النَّاسِ لا تتعوَّجُ

فأخلاقُكم ساداتُ أخلاقِ غـيرِكم

بها تقتدي بيضُ الخصالِ وتنهجُ

أخذتم زمامَ العفوِ والنَّارُ حيةٌ

أمرتم بلطفِ العُرفِ والليلُ أهوجُ

وأعرضتم الإعراضَ عن كلِّ جاهلٍ

على مثلِهِ من مثلِكم لا يُعَرَّجُ

فيا آخذينَ العفوَ؛ سمعًا وطاعةً

لأمرِ الذي حيًّا من الميتِ يُخرِجُ

ألا كم سجينٍ ميِّتِ القلبِ ناكصٍ

ويُخرِجُ منهُ اللهُ نورًا ويُوهجُ

بنبلِ سجاياكم سقى اللهُ قلبَهُ

فأضحى لهُ منها على الخـيرِ منهجُ

فلا بدَّ من خـيرٍ وشرٍّ معًا معًا

ونجدين شُقَّا: مستقيمٌ وأعوجُ

وقد يصبحُ المعوجُّ سهمًا مثقَّفًا

ويعتنقُ الخـيرَ الأشرُّ المفلَّجُ

أليس نزيلُ السجنِ قلبًا وخفقةً

وروحًا من الذكرى تَذِلُّ وتُحرَجُ

أليس نزيلُ السجنِ عينًا ودمعةً

وهمًّا بهِ الأكبادُ تُشوى فَتُنضَجُ

أليس نزيلُ السجنِ نهبَ ندامةٍ

كسيرًا أمامَ الحقِّ لا يتحجَّجُ

أليس ابنَ أمٍّ عينُها منبعُ اللظى

وفي جانبيها لاعجٌ الهمِّ يَلعَجُ

فكم دمعةٍ ثكلى على الأرضِ تنحني

وكم دعوةٍ عجلى إلى اللهِ تَعرُجُ

أليس أبًا بالنَّارِ يَكوي فؤادَه

خيالُ ابنِهِ في عرصةِ الدارِ يَدرُجُ

ويخرجُهُ عن رشدِهِ أنَّ خلفَه

بنيَّاتِهِ، فيها، غرائرُ سذَّجُ

يخضنَ حياةً قد رآها بعينِهِ

لها لُجَجٌ فيها الرَّدى يتموَّجُ

أليسَ نزيلُ السجنِ زوجَ حليلةٍ

إليها المآسي بانتظامٍ تفوَّجُ

إذا ذكرت أطفالَها وافتقارَها

وغصةَ ذلٍّ في لهاها تُحَشرِجُ

ولاح لها طولُ المدى وامتدادُهُ

ومستقبلٌ في باطنِ الغيبِ مُدرَجُ

وعجزُ أياديها وقلَّةُ حولِها

وإحسانُ أهليها بهِ المنُّ مُدمَجُ

تقاذفت الأحزانُ لبَّ فؤادِها

وذا الليلُ يمضي وهو أعمى وأعرجُ

فتصبحَ قلبًا فارغًا في عراصِهِ

تنوحُ الهمومُ العاوياتُ وتنشُجُ

وفي الحيِّ تؤذيها مجالسُ نسوةٍ

إليها ومنها كلُّ زورٍ يروَّجُ

يلُكنَ سويعاتِ النَّهارِ فيستوي

بنارِ ثوانيها الحديثُ المبهرجُ

ويخرجن قد أبدعنَ من سجنِ زوجِها

كراتِ جليدٍ بينهنَّ تُدحرجُ

ويوسعنها لومًا صواحبُ يوسفٍ

وهنَّ إلى تلكَ الملامةِ أحوجُ

إذا ذكرتهنَّ استكنَّ بقلبِها

جحيمٌ بلمزِ الشامتاتِ تُؤجَّجُ

تضيقُ بها الدنيا بكلِّ فجاجِها

فتخلو مع المرآةِ والليلُ مُرتَجُ

فتفزعُها عينٌ كوتها يدُ الأسى

ووجهٌ بأصنافِ المآسي مُدَجَّجُ

فتستحضرُ الماضي الجميلَ وقد رنت

إلى وجهِها الوضاءِ والطرفُ أدعجُ

فتشكو إلى الخرساءِ خرساءَ مثلَها

بتمتمةٍ فيها الضنى يتلجلجُ

محرَّقةً حرَّى تمنَّى لو انها

عوينسُ كالمرأةِ لا تـتزوَّجُ

وتسمعُ تكبيرَ الأذانِ فتلتجي

إلى اللهِ نعمَ الملتجى والمفرِّجُ

فقد جمعَ الرحمنُ للجودِ أربعًا

بها يُكشَفُ الهمُّ العظيمُ ويفرجُ

فهذا أمـيرُ الجودِ هلَّت مزونُهُ

وها هم رجالُ الجود لبَّوا وحجَّجُوا

وهذي بلادُ الجودِ من عهدِ آدمٍ

وها هو شهرُ الجودِ بالخير أبعجُ

فهبوا إلى فضلٍ يرجَّى بمثلِكم

فأنتم لدينِ اللهِ أوسٌ وخزرجُ

1428هـ ، مكة المكرمـــــــة

& إشارة إلى صدور عفو كريم من الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، عن المتورطين في محاولة الاغتيال الفاشلة التي خطط لتنفيذها على الأرض السعودية الزعيم الليبي معمر القذافي، وألقي القبض حينها على خمسة ليبيين منهم أربعة من رجال المخابرات. && إشارة إلى صدور عفو كريم من الملك عبد الله بن عبد العزيز، رحمه الله، عن 17 سجينًا، تورطوا في أحداث شغب بمحافظة نجران عام 2000م. &&& إشارة إلى نجاح الحكومة السعودية بتوجيه واهتمام ملكي مباشر في استعادة عدد من مواطنيها المعتقلين في معتقل خليج غوانتانامو الأمريكي في كوبا.