صبرًا آل ناشعٍ

ألقيت أمام علامة الأزد الإمام محمد بن عبد الله بن ناشع، في تعزيته عند وفاة زوجه، رحمهما الله

بحوريَّةٍ مقصورةٍ من خواطري

أتيتكَ يا عزًّا لكلِّ مصاهرِ

بحسناءَ ، لم يُكشَف لعينٍ حجابُهَا

سواكَ، ولم يظفر بها طرفُ ناظِر

محجَّبةٌ من خدرِها بين أضلعي

إليكَ قد انسابت على ريشِ طائرِ

من الشَّمسِ زفَّتها إليكَ محبتي

وشوقي وإجلالي وصدقُ مشاعري

إليكَ رنت من خافقي بابليةٌ

بطرفٍ، كسولٍ، فاترٍ، تحتِ فاترِ

ولكنَّها من بابلِ الأزدِ أهلُها

ومنسوبةٌ في ساحرٍ وابنِ ساحرِ

مُخيِّبَةٌ آمالَ كلِّ مؤمِّلٍ

بكبرٍ تهاوى تحتَهُ كلُّ زائرِ

وأنتَ وإن لم ترجُ يومًا وصالَها

أتتكَ بشوقٍ موقَدِ النارِ قاهرِ

عـلى شفتي جاءتكَ بِكرٌ أصيلةٌ

كمن قد طواها عنكَ صمتُ المقابرِ

هنيئًا لنا أنَّا انتسبنا بِشِعرِنا

إلى طهرِكم يا طاهرًا وابنَ طاهرِ

إلى طهركِم نهوي سراعًا كما هوت

إلى زمزمٍ عُشَّاقُ تلكَ المشاعرِ

ومن لامني في حبِّ وجهِ ابنِ ناشعٍ

فمن حسدٍ بين الجناحينِ جائرِ

تركنا العِصَامييِّنَ خَلفَ ظهورِنا

إلى مَثَلٍ للناشِعيِّينَ سائرِ

وقالوا: عصامٌ، ما عصامُ وما بـنى

وكلُّ عصامٍ دونَ هذا الـمُثَابِرِ

شمالُك& فاقت كلَّ يمـنى بفعلِها

إلى أن هوت عجزًا يمينُ المكابرِ

فأنتَ مساءُ العلمِ كلُّ عزيمةٍ

بقلبكَ، فيها كلُّ زاهٍ وزاهرِ

وأنتَ صباحُ العلمِ كلُّ كريمةٍ

بوجهكَ، فيها كلُّ باهٍ وباهرِ

وأنتَ محيطٌ أعجزت غمراتُهُ

وأمواجُهُ الملأى قلوبَ المواخرِ

عجبتُ لقومٍ كنتَ منهم ولم يكن

لهم بكَ عرشٌ فوق كلِّ العشائرِ

عجبتُ لأرضٍ سرتَ فيها ولم تَفُح

بعطرٍ من المسكِ المعتَّقِ عاطرِ

عجبت لأهلِ العلمِ عاشوا وما بنوا

لهم في حمى (صعبان)&& أعلى المنائِرِ

وما غصَّت الدنيا بهم حولَ منـبرٍ

لعلمكَ يا فخرًا لكلِّ المنابرِ

إذا القلبُ لم يشرِق بنورِ بصيرةٍ

فأيُّ انتفاعٍ باتِّساعِ المحاجرِ

وما عميت أبصارُهم عنكَ يا سنا الـ

ـنَّهارِ ولكنَّ العـمى في البَصَائرِ

غريبٌ بهذا العصرِ أنتَ، فلا تلم

بـني زمنٍ عن قَدرِ وجهِكَ قاصرِ

فجيلُكَ في لحدِ البخاريِّ غُيِّبُوا

وقـبرِ ابن إدريسٍ وقـبرِ ابنِ عامرِ

لأزمانِهم فيهم ذنوبٌ صغيرةٌ

وتقصيرُ هذا فيكَ إحدى الكبائرِ

تركتَ زمانًا نحنُ نلهو بجهلِهِ

إلى حيثُ تعلو بالهدى والمآثرِ

وأدلجتَ بالزادينِ: بالعلمِ والتُّقى

ففزتَ بزادٍ، نعمَ زادُ المسافرِ

وهاجرتَ حـتى لم تدع أفقَ عزَّةٍ

يرامُ ولا قصدًا لقلبِ مهاجرِ

وجزتَ المدى حـتى لفحتَ هجـيرَهُ

وجيلُكَ جاثٍ تحتَ لفحِ الهواجرِ

أعلَّامةَ الأزدِ الكرامِ وحَبرَها

وفخرَ نواديها لبادٍ وحاضرِ

ألا كلُّ لُبٍّ عندَكم لبُّ حائرِ

ألا كلُّ عينٍ تحتَكم عينُ حاسرِ

ألا كلُّ أنـثى بعدَ أمِّكَ عاقرٌ

سوى زوجِك الطوبى فليست بعاقرِ

بكَ ازيَّنت دنياهما كلَّ زينةٍ

وكنت أبرَّ ابنٍ وخـيرَ مُعاشرِ

عَرفتُكَ حقًّا، ثم قلتُ موحِّدًا:

أليسَ إلهُ العالمينَ بقادرِ

فللهِ في إتقانِ صنعِكَ آيةٌ

عجائبُها تنسابُ في كلِّ خاطرِ

أرى النَّاسَ طرًّا من مُحِبٍّ وحاسدٍ

سهارى وقد طافوا بتلكَ الـمَنَاظِرِ

فبينَ محبٍّ عينُه عينُ سامرٍ

وبينَ حسودٍ عينُه عينُ ساهرِ

سَمِيَّ رسولِ اللهِ هاكَ قصيدةً

بناها ابنُ حسَّانٍ رضيعُ تماضرِ

بذكرِ سجاياكَ الجِلالِ يزفُّها

فؤادُ لبيبٍ لا خيالاتُ شاعرِ

لِـحُسَّادِكم أعددتُّ بالشِّعرِ غُصَّةً

من الموتِ ألقيها بتلكَ الحناجِرِ

سأنفُثها في أعينِ القومِ كالقَذَى الـ

مقيمِ وفي آذانِهم كالخناجرِ

على حسدٍ قلتُ: اصبروا آل ناشعٍ

ففي مثلِهَا قيلَ: اصبروا آل ياسرِ

1424هـ، النماص

& خُلِقَ الشيخ دون يمين، وينظر نص (شمال) المتقدم && اسم قرية الشيخ ابن ناشع في الظهارة في ضواحي محافظة النماص