ناصر الدين

في رثاء الإمام ناصر الدين الألباني، رحمه الله

نارٌ من الهمِّ في العينينِ تكويني

وزادُ صبري قليلٌ ليسَ يكفيـني

الهمُّ يقتاتُني والليلُ يهزأ بي

والنومُ دونَ وفاءِ كم يُمنَيِّني

أراقبُ الصبحَ ظمآنًا وقافيتي

تمتصُّني وامتدادُ الليلِ يُظميني

ويقبلُ الصبحُ والأنفاسُ في صَعَدٍ

بكأسِ أحزانِهِ الملأى ليُسقيني

فأحسنُ الظنَّ في ليلي فيخذلُني

وأحسنُ الظنَّ في فجري فيرديني

وإن تبسَّم لي دهري اعتذرتُ لهُ

فكأسُه لم تعد واللهِ ترويني

إني عشقتُ همومي بعد صحبتِها

عشرينَ عامًا فحلَّت في شراييني

عشرونَ عامًاً بأحزاني مسربلةٌ

طويتها وحبالُ الهمِّ تطويني

طفولتي بدمى الأحزانِ ما رضيَت

حتى بنيتُ لها قصرًا من الطينِ

لا، بل أنا دميةُ الأحزان تعبثُ بي

كبرت والحزنٌ طفلٌ ليس يُعفيني

أهٍ بكيتُ وكلُّ الناس تحسبني

أشدو وتطربُ من شعري فتُبكيني

فكيف أسلو؟ وعيني جفَّ مدمعُها

قد كانَ فيما مضى دمعي يسلِّيني

إني جمعتُ همومي كي أخطَّ بها

شعري وأكتبَ من حزني دواويني

فكيف أطربُ همِّي لا يفارقني

وكلُّ شيء من الأحزانِ يدنيني

نفسي، وصحبي، وإخواني، وقافيتي

وأمتي، ودمي يغلي، تناديني:

الموتُ يأكلٌ أطرافي فوا أسفى

سينهشُ الموتُ ما يلقى ويُلقيني

صاحت وناحت بصوتٍ لا رجوعَ لهُ

ونَوحُها فيه أصواتُ الملايينِ

حناجرٌ في ظلالِ الذلِّ صارخةٌ

ولا استماعَ لأصواتِ المساكينِ

حناجرٌ هتفت لكنها غُلبت

بهمسةٍ بينَ أشداقِ (ابنِ يامينِ)

مضى وأهدى إلى (باراكَ) منطقَها

وقد تلقَّفها من ثغرِ & (رابينِ)

يا همسةَ البغضِ في بوقِ السلامِ لقد

لـحَّـنـتِ مكرَكِ فينا أيَّ تلحينِ

حتى شكرناكِ إذا أهديتِ أمَّتَنا

(فتحِ الطريقِ) و(إطلاقَ المساجينِ)

خرافةٌ سُمِّيت باسمِ السلامِ وفي

دمائِها حقدُ آلافِ الشياطينِ

(تناقضٌ ما لنا إلا السكوتُ لهُ)

تعافُ فحواه أفهامُ المجانينِ

ونحنُ نلهثُ خلفَ السِّلمِ تطربُنا

(حمامةٌ) عزفَت سُمَّ الثعابينِ

حطَّت على عُشِّها في غصنِ غرقدةٍ

تختالُ في موطنِ الزيتونِ والتينِ

أين السلامُ؟ سؤالٌ لا جوابَ لهُ

فالـ(ج) مات اختناقًا في يدِ الـ(س)

فالله أخبرَ (لن ترضى اليهودُ ولن

ترضى النصارى) بإحكامٍ وتبيينِ

جراحنا دامياتٌ لا ضمادَ لها

ما بينَ قتلٍ وتشريدٍ وتوطينِ

والموتُ يختارُ منا خيرَ أمتِنا

لينكأَ الجرحَ من حينٍ إلى حينِ

يا أمةً قد أضاعت ثوبَ عزَّتها

إلا بقاياهُ فابكي ناصرَ الدينِ

يا خادمَ السُّنَّةِ القعساءِ كم خُنِقَت

بمثلِ موتِكَ أنفاسُ الأراضين

أحييتَ في عصرنا علمَ ابنِ تيميةٍ

والعسقلانيِّ في تقوى ابنِ سيرينِ

عليكَ رحمةُ ربِّ الناسِ كم رجحت

للمسلمينَ بكم كفُّ الموازينِ

تسعونَ عامًا بها ثقَّلت كفَّتنا

علمًا وجاهدت في كلِّ الميادينِ

فسِر إلى الخلدِ قد أعددت عدَّتَهُ

وانعم بحورٍ بفردوسِ الرضا عِينِ

والحق بأصحابِ علمٍ أنتَ تعرفُهم

شيَّعتهم بابتهالاتٍ وتأبينِ

عنوانُهم نورُ تقواهم ستعرفُهم

بها فتقواهم أعلى العناوينِ

مع ابنِ بازٍ خليلًا ما شقيتَ بهِ

ستحشرانِ مع الغرِّ الميامينِ

عزاؤُنا فيكما أن قامَ بعدَكما

ابنُ العثيمينَ فينا وابنُ جبرينِ

في ظلِّ باقيةٍ للدينِ حاميةٍ

يطولُ في ذكرِها قولي وتدويني

1420هـ، أبها

& إسحاق رابين، وبنيامين نتنياهو، وإيهود باراك: ثلاثة صهاينة تعاقبوا على رئاسة وزراء إسرائيل في تلك الفترة